responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 55

ثم يجيب قائلا: (غير أن الإنسان الذي يقضي حياةً قصيرةً في هذه الدنيا الفانية لا ينال ولن ينال حقيقةً مثل هذه العدالة. وإنما تؤخَّر إلى محكمة كبرى. حيث تقتضي العدالةُ الحقة أن يلاقي هذا الإنسان الصغير ثوابَه وعقابه لا على أساس صغره، بل على أساس ضخامة جنايته، وعلى أساس أهمية ماهيته، وعلى أساس عظمة مهمته.. وحيث إن هذه الدنيا العابرة بعيدة كل البعد عن أن تكون محلا لمثل هذه العدالة والحكمة بما يخص هذا الإنسان ـ المخلوق لحياة أبدية ـ فلابد من جنةٍ أبدية، ومن جهنم دائمة للعادل الجليل ذي الجمال وللحكيم الجميل ذي الجلال) [1]

وقد ذكر في بداية الرسالة، وفي الحكاية التي حاول أن يقرب بها ضرورة وجود حياة أخرى، اثني عشر صورة تدل على ضرورة وجود تلك الحياة، وكلها ترتبط بالعدل في الجزاء، نكتفي منها بالمعاني التالية[2]:

1. أمِنَ الممكن لسلطنةٍ، ولاسيما كهذه السلطنة العظمى، أن لا يكون فيها ثواب للمطيعين ولا عقاب للعاصين؟.. ولما كان العقاب والثواب في حكم المعدوم في هذه الدار، فلابد إذن من محكمةٍ كبرى في دارٍ أخرى.

2. تأمل سير الأحداث والإجراءات في هذه المملكة، كيف يوزَّع الرزقُ رغدا حتى على أضعف كائن فيها وأفقره.. إذن فمالِكُ هذه السلطنة ومليكُها ذو كرم عظيم، وذو رحمة واسعة، وذو عزة شامخة، وذو غيرة جليلة ظاهرة، وذو شرف سامٍ. ومن المعلوم أن الكرم يستوجب إنعاما، والرحمة لا تحصل دون إحسان، والعزة تقتضي الغيرة، والشرف السامي يستدعي تأديب المستخفين، بينما لا يتحقق في هذه المملكة جزء واحد من ألفٍ مما يليق بتلك الرحمة ولا بذلك الشرف. فيرحل الظالم في عزته وجبروته ويرحل المظلوم في ذله وخنوعه.


[1] المرجع السابق، ص71.

[2] انظر: الكلمات، ص50، فما بعدها.

اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 55
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست