ولذلك كان من أسماء الله الحسنى اسم العدل، وقد عرفه الغزالي، وبين مدى انطباقه على الله
تعالى من خلال النظر في الكون، فقال: (العدل هو الذي يصدر منه فعل العدل
المضاد للجور والظلم، ولن يعرف العادل من لم يعرف عدله، ولا يعرف عدله من لم يعرف
فعله، فمن أراد أن يفهم هذا الوصف فينبغي أن يحيط علما بأفعال الله تعالى من ملكوت
السموات إلى منتهى الثرى حتى إذا لم ير في خلق الرحمن من تفاوت، ثم رجع البصر فما
رأى من فطور، ثم رجع مرة أخرى فانقلب إليه البصر خاسئا وهو حسير، وقد بهره جمال
الحضرة الربوبية وحيره اعتدالها وانتظامها، فعند ذلك يعبق بفهمه شيء من معاني عدله
تعالى وتقدس)[1]
وهذه المعاني جميعا لا تكتفي في دلالتها على
وصف الله بالعدل، أو وصف كونه ورسله وشرائعه به، وإنما تدل أيضا على ضرورة وجود
حياة أخرى غير هذه الحياة، يتحقق فيها العدل بصورته الكاملة.
وقد عبر النورسي عن وجه الدلالة في ذلك، فقال
ـ متسائلا ـ: (أمن الممكن لخالق ذي جـلال أظهر ســـلطان ربــوبـيـتـه بتـدبيـر
قـانــون الوجــود ابـتــداء من الذرات وانتهاء بالمجرات، بغاية الحكمة والنـظام
وبمنتهى العدالـة والميزان.. أن لا يعامِل بالإحســان من