اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 519
أصلا
في الدنيا.. وهكذا.
وهذا
لا يعني انقطاع صلة الآباء بأبنائهم الذين كانوا في الدنيا، ولكن لكل منهما نعيمه
الخاص، فلا يمكن للولد الكبير، أن يعوض نعمة الولد الصغير.
ثالثا ـ مراتب الجزاء..
وتجليات العدالة والرحمة:
لا يمكننا فهم حقيقة أي موقف أو سلوك نراه من
دون فهم الدوافع التي دفعت إليه، والغايات التي أنشئت من أجله.. ذلك أننا عندما
نفهم تلك الدوافع تزاح عنا كل الشبه، وتدفع كل الإشكالات، ويزال كل غموض، ونضع
جميع الأمور في محلها اللائق بها.
وبناء على هذا، فإن تلك الإشكالات التي
توهمها البعض حول استغراب اجتماع الرحمة الإلهية الواسعة مع وجود جهنم وأنواع
العقاب الموجودة فيها، وغيرها من الإشكالات يزول بسهولة، عندما يفهم سر وجود جهنم،
وسر وجود الجنة، وسر المراتب المختلفة الموجودة في كليهما.. لأنه حينذاك يدرك أنها
تسير جميعا نحو تحقيق هدف واحد، ولكن بطرق متعددة.
ولعل أهم سورة قرآنية تجلي المعاني المرتبطة
بهذا، وتوضحها أيسر توضيح وأوجزه، هي سورة الفاتحة، فهي ابتداء من بسملتها توضح
الحقائق الكبرى المرتبطة بالمعاد، والدوافع التي دفعت لأن يكون الأمر بهذا الشكل.
و تبدأ هذه السورة ببيان أن كل هذا الكون بما
فيه من مخلوقات بدئ باسم من أسماء الله الحسنى، وهو اسم [الرحمن]، وهو يعني أن كل
ما في الكون من البداية إلى النهاية منطلق ومنطبق مع هذا الاسم.
ويدل لهذا قوله تعالى: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾
(طـه:5)، ففيه إشارة واضحة إلى أن مملكة هذا الكون الواسعة مبنية على أساس الرحمة
الإلهية، ومنتهية إليها، ولذلك اختار الله تعالى ذلك الاسم الجليل الذي يجمع بين
الدلالة على منتهى الرحمة وكمالها، والعلمية
اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 519