اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 504
كلها مسجد.
5 ـ الحلي والحلل:
من
أنواع الجزاء التي ورد ذكرها في النصوص المقدسة أنواع الحلي والحلل التي هيئت
للمحسنين والمسيئين، والمتجانسة مع أعمالهم، أو تلك التي شكلت منها أعمالهم.
ذلك أن
من أهم التكاليف الشرعية، والتي اتفقت عليها جميع الملل والنحل، بل وردت مع أول
بشر على الأرض، تلك التكاليف المرتبطة باللباس، كما قال تعالى بعد ذكره لقصة آدم
عليه السلام: ﴿يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً
يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ
آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ﴾ (الأعراف:26)
فقد ذكر
الله تعالى في هذه الآية الكريمة ثلاث منافع للباس، وهي الستر، والجمال والزينة
التي عبر عنها بالريش، والوقاية التي عبر عنها بلباس التقوى، والتي جاء ذكرها في
قوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالاً وَجَعَلَ
لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَاناً وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ
وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ
لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ﴾ (النحل:81)
ولهذا؛
فإن من خرج باللباس عن هذه المقاصد الشرعية، يكون قد تجاوز حدود الله، ولذلك يستحق
من العقاب المناسب لذلك ما يؤدبه ويهذبه.
وقد
أشار إلى بعض مظاهر ذلك التجاوز قوله تعالى عند الحديث عن الوسائل التي يستعملها
الشيطان في إخراج البشر عن إنسانيتهم: ﴿يَابَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ
الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا
لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ
حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ
لَا يُؤْمِنُونَ﴾ [الأعراف: 27]
وأشار
إليها ذلك الاستكبار بالحلي والحلل، والذي انحرف به قارون عن الزينة الشرعية إلى
الزينة الشيطانية، قال تعالى:﴿فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ
الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ
اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 504