اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 490
التي شكلت منها أعمالهم.
ذلك أن التكاليف الشرعية مرتبطة بهذا الشأن
من الشؤون التي توهم البعض أنها شخصية، فراح يسرف فيها كما يشاء من غير حدود ولا
قيود، وربما جره ذلك الإسراف إلى إهلاك نفسه، وإتلاف جسده في الدنيا قبل الآخرة..
وربما جعل بعضهم كل همته في الدنيا أن يستزيد من الشهوات من غير اهتمام بجوع
الجائعين، وظمأ الظامئين.. وربما راح بعضهم يملأ معدته، ومعدة أهله بطعام
المحرومين الذي استولى عليه ليستزيد من شبعه وتخمته.
ولذلك كان جزاء كل هؤلاء وغيرهم يوم القيامة
أن يذوقوا ألوان العذاب المرتبطة بذلك الطعام والشراب الذي ضيعوا حياتهم ودينهم في
سبيله.
وفي مقابلهم ينعم أولئك الجائعون المحرومون
الطيبون بكل ما منعوا منه في الدنيا، لا بسبب شح الأرض بخيراتها، ولكن بسبب جشع
المستبدين الظلمة وكبريائهم.
وسنحاول هنا أن نذكر بعض الأنواع والأوصاف
التي ورد ذكرها في النصوص المقدسة، والروايات المفسرة لها، لكلا الصنفين من
الجزاء.
أ ـ الطعام وأنواعه:
نظرا
لأهمية الطعام في الحياة، ودور الترغيب أو الترهيب المرتبط به في إثارة النفس،
ودعوتها إلى القيم الرفيعة، نرى القرآن الكريم يوليه أهمية كبرى عند ذكر أنواع
الجزاء الإلهي المعد للمحسنين والمسيئين، وهو يقرن ذلك دائما بالأعمال، وكونها
السبب في حصول ذلك الجزاء بشقيه المناسب للنفس، أو غير المناسب لها.وقد ذكر القرآن
الكريم بالنسبة لجزاء المسيئين ثلاثة أنواع من الأطعمة، كنماذج لأنواع الطعام الذي
يتناوله أهل النار، وقد اكتفى بها بناء على معرفة أسمائها ومعانيها لدى المخاطبين،
ولكونها أيضا وافية بتحقيق الغرض من الترهيب، ولذلك لا معنى لذكر غيرها.
أما أولها، فهو الضريع، كما قال تعالى في
وصفه: ﴿ لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ (6)
اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 490