اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 480
من
الجهة اليسرى، وعلى هذا الأساس فإن دخان النار المميت هذا يحيط بهم من كل جانب
ويحاصرهم)[1]
وهذا
الظل كما يصفه الله تعالى ﴿لَا ظَلِيلٍ وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ﴾
[المرسلات: 31]؛ فليس في هذا الظل راحة، ولا يمنع من الإحتراق بالنار لأنه نابع من
النار، (وربما كان التعبير بـ (ظل) سببا لتصور وجود الظل الذي يخفف من حرارة
النار، ولكن هذه الآية تنفي هذا التصور وتقول: ليس هذا الظل كما تتصورون، إنه ظل
محرق وخانق، وناتج من دخان النار الغليظ الذي يعكس حرارة اللهب بصورة كاملة)
[2]
وقد
ذكر المفسرون سر هذه الانقسامات التي ينقسم لها هذا الظل، فذكروا أن (هذه الشعب
الثلاث هي انعكاس للتكذيبات الثلاثة لأساس الدين، وهي التوحيد والنبوة والمعاد،
لأن تكذيب المعاد لا ينفصل عن التكذيب بالنبوة والتوحيد، وقيل، إنها إشارة إلى
مبادىء الذنوب الثلاثة: القوة الغضبية والشهوية والوهمية، نعم، إن ذلك الدخان
المظلم تجسيد لظلمات الشهوات) [3]
ويصف
الله تعالى تلك النار المحرقة بكونها ﴿تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ﴾
[المرسلات: 32]، وقد كان العرب يطلقون كلمة القصر على كل بيت من حجر، وليس من
الضروري أن يكون في ضخامة ما نعهد الآن من قصور، والمقصود منه أنه ليس كشرر نار
هذه الدنيا التي لا تكون أحيانا إلا بمقدار ضئيل جدا.
وقد
ذكر الله تعالى أسباب هذه البيئة الممتلئة بالقسوة، فقال: ﴿إِنَّهُمْ
كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ (45) وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ
الْعَظِيمِ (46) وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا