اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 479
الراحة،
قال تعالى: ﴿فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ
اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ
اللَّهِ وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ
حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ ﴾ [التوبة: 81]، ثم رد عليهم ببيان مدى
تهافت الخيار الذي اختاروه، فقال: ﴿فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا
كَثِيرًا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [التوبة: 82]
وبذلك
فإن هذه البيئة التي فروا منها في الدنيا، ستلاقيهم في الآخرة بصورة أشد، ولهذا نرى
القرآن الكريم يفصل في ذكر تلك البيئة لتكون رادعا للنفوس عن السكون إلى الراحة،
وترك ما كلفت به من تكاليف.
ومن
الآيات الكريمة الدالة على ذلك ما ورد في قوله تعالى: ﴿وَأَصْحَابُ
الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ وَظِلٍّ مِّن يَحْمُومٍ
لاَّ بَارِدٍ وَلا كَرِيمٍ ﴾ [الواقعة:41 - 44]؛ فهذه الآية الكريمة تصف
المناخ الذي يطغى على جهنم مبينة أنه لا مجال فيه لأي تلطيف أو تكييف، ذلك أن
ملطفات الجو في الدنيا ثلاثة، الماء، والهواء، والظل.. وكلها في جهنم تلفح حرا.
فهواء
جهنم السموم، وهو الريح الحارة الشديدة الحر، وهي مأخوذة عن كلمة (السم)، وتعني
الهواء اللاسع من شدة حرارته، والذي يدخل المسام، وجميع دقائق وثغرات الجسم.
أما ماؤها،
فهو الحميم الذي اشتد حره، كما قال تعالى: ﴿وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا
فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ﴾ [محمد: 15]
وأما
ظلها فاليحموم، وهو الحر الشديد، والذي وصفه الله تعالى في آيات أخرى، فقال: ﴿انْطَلِقُوا
إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ (30) لَا ظَلِيلٍ وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ
(31) إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ (32) كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ ﴾
[المرسلات: 30 - 33]، أي:(توجهوا نحو ظل من دخان خانق له ثلاث شعب: شعبة من
الاعلى، وشعبة من الجهة اليمنى، وشعبة
اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 479