وهذا الحديث يشير إلى أن جهاز الإطراح مختلف
تماما، وأنه مرتبط بجميع الجسم، وأن ما يخرج منه هو الرائحة الطيبة.. وهذا قد يشير
إلى أن التلذذ بالطعام ليس خاصا باللسان، بل قد يكون في جميع الأجزاء التي يمر
بها، أي الجسم جميعا.. وهو قد يشير أيضا إلى أن الهدف من الغذاء هناك هو التلذذ
المجرد، أي أن الأجسام هناك ثابتة مكتفية لا تحتاج لشيء يضاف إليها، أو تبنى به.
والحديث يشير أيضا إلى أن الجهاز التنفسي في
ذلك الحين مختلف تماما، لأن الشهيق والزفير فيه هو تلك التسبيحات التي يسبح بها
الإنسان ربه.
وهكذا يمكننا تخيل الكثير من الأشياء
المرتبطة بهذا الجانب، والتي تتنافى مع ما نراه في هذا العالم من تصرفات أجسادنا،
والتي لها علاقة بنوع الحياة البسيطة التي نعيشها.
ولذلك ذكرنا عند مناقشتنا لبعض التنويريين في
كتاب [التنويريون والصراع مع المقدسات] أن العلاقة الزوجية في الآخرة مع الزوجات
أو مع الحور العين لا علاقة لها بما نراه في الدنيا، بل هي علاقة سامية، متناسبة
مع ذلك العالم الممتلئ بالطهر والسمو والقداسة[2].
وهكذا؛ فإن الكثير من الإشكالات تحل عند
التعرف على هذه الخاصية من خصائص أجسام الآخرة.. ذلك أن الكثير من الإشكالات مبنية
على القياس على أجسام
[2]
ومما ذكرناه في الكتاب: (وكان في إمكان التنويريين أن يسلموا لله فيما ذكر، فهو
أدرى بعباده، وبرغباتهم، ولذلك خاطبهم بما يتناسب معهم.. لكنهم لقسوة قلوبهم،
ولتمردهم على الله، وتقديمهم لأهوائهم عليه لم يفعلوا.. بل راحوا يصورون ذلك
باعتباره هوسا جنسيا، والعياذ بالله، مع أن القرآن الكريم لم يذكر أي شيء يرتبط
بذلك، بل اكتفى باعتباره من نعيم الجنة مثله مثل الولدان المخلدون والقصور التي
تجري تحتها الأنهار..)[التنويريون والصراع مع المقدسات، ص55]
اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 466