اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 46
سلطان
لهذه المملكة الرائعة المنتظمة المنسقة؟ وكيف تكون هذه الأموال الطائلة والثروات
النفيسة الثمينة بلا مالك) [1]
ثم راح
يذكر له الأدلة الكثيرة على اقتضاء الصنعة للصانع، والمملكة للملك، وكان من ضمنه
أقواله له قوله: (ألا ترى في أرجاء هذه المملكة إعلانات السلطان وبياناته،
وأعلامَه التي ترفرف في كل ركن، وختمه الخاص وسكّته وطرّته على الأموال كلها، فكيف
تكون مثل هذه المملكة دون مالك؟)
وبعد
تلك الأدلة الكثيرة راح ذلك السفيه يسلم جدلا بوجود السلطان، لكنه راح يعلل
ممارساته الخاطئة في تلك المملكة بذرائع جديدة، حيث ردد على مسامعه قوله: (لنسلّم
بوجود السلطان، ولكن.. ماذا يمكن أن تضرَّه وتُنقصَ من خزائنه ما أحوزُه لنفسي
منها؟ ثم إني لا أرى هنـا عقابا من سـجن أو ما يشبهه!) [2]
وهنا أجابه
صاحبه المؤمن بقوله: (يا هذا، إن هذه المملكة التي نراها ما هي إلّا ميدان امتحانٍ
واختبار، وساحة تدريب ومناورة، وهي معرض صنائع السلطان البديعة، ومضيف مؤقت جدا..
ألا ترى أن قافلة تأتي يوميا وترحل أخرى وتغيب؟ فهذا هو شأن هذه المملكة العامرة،
إنها تُملأ وتُخلى باستمرار، وسوف تُفرغ نهائيا وتبدل بأخرى باقية دائمة، وينقل
إليها الناس جميعا فيثاب أو يُعاقب كلّ حسب عمله) [3]
وهنا
راح الصاحب يسأل عن إمكانية وجود محكمة كبرى، ودار للثواب والإحسان، وأخرى للعقاب
والسجن، وقد أجابه صديقه باثني عشر صورة، تدل على ضرورة وجود تلك المحكمة.. سنعرض
لما نحتاجه منها عند الحديث عن برهان العدالة.