اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 45
يهتمون
بحراستها.. فالأموالُ والنقود في متناول الأيدي دون أن يحميها أحد)
[1].. وهذا تصوير تقريبي للدنيا، التي نجد فيها
النعم بمختلف أشكالها، وكأنه لا مالك لها.
وقد
كان أحد الاثنين ـ كما ورد في القصة ـ صالحا يستعمل عقله، والآخر منحرفا متبعا
لهواه، وقد راح بناء على ما رآه من سهولة السرقة، (يسرق حينا ويغصب حينا آخر
مرتكبا كل أنواع الظلم والسفاهة، والأهلون لا يبالون به كثيرا)
[2]
وعندما
رآه صديقه الصالح يفعل ذلك قال له: (ويحك ماذا تفعل؟ إنك ستنال عقابك، وستلقيني في
بلايا ومصائب. فهذه الأموال أموال الدولة، وهؤلاء الأهلون قد أصبحوا ـ بعوائلهم
وأطفالهم ـ جنود الدولة أو موظفيها، ويُستخدمون في هذه الوظائف ببزّتهم المدنية،
ولذلك لم يُبالوا بك كثيرا، واعلم أن النظام هنا صارم، فعيون السلطان ورقباؤه
وهواتفه في كل مكان.. أسرع يا صاحبي بالاعتذار وبادر إلى التوسل)
[3]
ولكن
صاحبَه لم يقبل ذلك، بل راح يردد: (دعني.. فهذه الأموال ليست أموال الدولة، بل هي
أموال مشاعة، لا مالك لها. يستطيع كل واحد أن يتصرف فيها كما يشاء. فلا أرى ما
يمنعني من الاستفادة منها، أو الانتفاع بهذه الأشياء الجميلة المنثورة أمامي،
واعلم أنى لا أصدّق بما لا تراه عيناي) [4]
وهنا
راح صاحبه يقنعه باستحالة أن تكون تلك المملكة الجميلة المنظمة من دون سلطان أو حاكم،
وقال له أثناء حديثه معه: (إنك بلا شك تعلم أنه لا قرية بلا مختار، ولا إبرة بلا
صانع وبلا مالك، ولا حرف بلا كاتب.. فكيف يسوغ لك القول: إنه لا حاكم ولا