responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 458

الحياتية، بل يحب أن يوفر له في حياته الحد الأدنى الذي يغنيه عن التطلع لغيره.

بل إننا نجد الكثير من الذين يطرحون أمثال هذه الشبه شديدي الإعجاب بالتطور الحضاري المادي للشعوب المختلفة، ولست أدري كيف يعجبون بذلك التطور، وفي نفس الوقت يستغربون أو ينكرون ذلك التطور وتلك الحضارة التي يصف الله تعالى بها دار الجزاء المعدة لعباده الصالحين.

وهكذا الأمر بالنسبة لدار الجزاء المعدة للمسيئين؛ فإن هؤلاء إن قيل لهم: إنكم في دار الجزاء ستحجبون عن الله، ولن تتذوقوا تلك المعاني النبيلة السامية التي يستشعرها المؤمنون؛ فلا شك أنهم سيسخرون من ذلك، لأنهم أصلا لا يجدون في نفوسهم أي اهتمام أو رغبة في ذلك.

ولذلك كان هذا النوع من الجزاء الإلهي متوافقا مع كل النفوس، ومع جميع الأعمال، باعتبار أنه ليس سوى تجسد لتلك الأعمال التي قام بها صاحبها في الدنيا.

بالإضافة إلى هذا، فإن الحس دليل المعنى، وبالحس قد يترقى الإنسان ليفهم المعنى، ولذلك لن يكون ذلك النعيم الذي أعده الله لعباده الصالحين حجابا لهم، بل سيكون مرقاة لهم يتعرفون من خلالها على ربهم..

ذلك أن كل شيء صنعة لله، وحروف تكتبها يد القدرة، ليتعرف العبد من خلالها على الله، كما عبر عن ذلك قوله تعالى ـ وهو يأمرنا بقراء الرحمة الإلهية من خلال حياة الأرض بعد موتها ـ: ﴿فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا﴾ (الروم: 50)

ويأمرنا بالاستبشار تفاؤلا بفضل الله، وفرحا بالله، وتنسما لرحمة الله عند هبوب الرياح التي يرسلها، قال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ (لأعراف:57)

اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 458
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست