اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 459
ويعلمنا أن نقرأ لطف الله وخبرته المحيطة بكل
شي من خلال حروف الماء الساقطة على الأرض المخضرة، قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ
أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً
إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ﴾ (الحج:63)
ويعلمنا أن نقرأ علم الله وقدرته من خلال
السطور المبثوثة في تقلب الزمان بأعمارنا، قال: ﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ
ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لا
يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ﴾ (النحل:70)
ويرينا قوة الله القاهرة، وقدرته الشاملة
باستعراض تفاصيل دقيق المكونات وجليلها؛ فالسموات التي ننبهر لضخامتها لا تعدو أن
تكون شيئا حقيرا جدا أمام عظمة الله، قال تعالى: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ
حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا
يُشْرِكُونَ﴾ (الزمر:67)
وبذلك فإن الحس لن يكون حجابا عن المعنى، بل
سيكون دليلا عليه، ولهذا كان كل شيء نراه في الكون مرقاة نرقى بها إلى الله،
وحروفا نتعرف من خلالها عليه.
والأمر في دار الجزاء مثله في دار الفناء..
ففي الجنة يعاين المحسنون من مظاهر الكرم الإلهي ما يملؤهم حبا وتعظيما له.. وفي
النار يعاين المسيئون من مظاهر قدرة الله ما يجعلهم يجلونه ويعظمونه، ذلك أنهم
كانوا يحتقرونه ويحتقرون رسله والقيم التي دعا إليها، ولذلك كان ذلك العقاب إصلاحا
لهم حتى يتجاوزوا نفوسهم الأمارة بالسوء.
وقبل أن نذكر بعض أصناف النعيم الحسي التي
وردت بها النصوص المقدسة، نحب أن نذكر لبعض إخواننا من المسيحيين نصوصا من الكتاب
المقدس تنص على هذا النوع من الجزاء، لأنا نراهم في أحيان كثيرة يوهمون عامة الناس
عن ترفع المسيحية عن هذا النوع من الجزاء، ولست أدري مصدرهم في ذلك، وهل هناك
أسفار مخفية من الكتاب المقدس ينهلون منها تلك الأحكام، أم أنها مجرد دعاوى؟
اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 459