responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 457

ثانيا ـ الجزاء الحسي.. وتجليات العدالة والرحمة:

من مظاهر العدالة والرحمة الإلهية في دار الجزاء ما أعد لعباده فيها من الجزاء الحسي المتوافق مع أعمالهم، ليروا بأعينهم الحسية حصاد ما زرعوه؛ فيكون ذلك سلما لمسيرتهم نحو الكمال المستعدين له بحسب طاقاتهم المختلفة.

وهذا الجزاء متوافق مع العدالة والرحمة الإلهية، كما أنه متوافق مع تربية الله تعالى لعباده، لإخراجهم من الظلمات إلى النور.

أما توافقه مع العدالة؛ فذلك لأن كل إنسان في دار الجزاء لا يرى إلا ثمرة أعماله، ولذلك تختلف مراتب المحسنين والمسيئين اختلافا شديدا، بناء على النتائج التي ظهرت في الموازين الدقيقة، وسلمت نتائجها في الموقف.

وأما توافقه مع الرحمة الإلهية؛ فذلك لأن الله تعالى ضاعف جزاءه للمحسنين، بحيث وفر لهم أضعاف أضعاف ما عملوه، بناء على اسمه الشكور، وفي نفس الوقت لم يجاز المسيئين إلا بما غرسوه من أعمال، مع إمكانية أن يرفع عنهم البلاء في حال تحسنهم، وارتفاع آثار الأوزار من نفوسهم.

وبما أن الإنسان عمل أعماله في الدنيا سواء كانت حسنة أو سيئة بجوارحه الحسية، وهو في نفس الوقت يتنعم تنعما حسيا، ويتألم ألما حسيا؛ فقد كان من مقتضيات العدالة والرحمة الإلهية أن يجازى في دار الجزاء بهذا النوع من الجزاء المتوافق مع أعماله.

ولذلك لا معنى لتلك المقولات التي يسخر بها البعض من الجزاء الحسي، ويتصور أن له من العقل والحكمة والروحانية ما يجعله يترفع عن الاهتمام بذلك النوع من الجزاء؛ فكل ذلك كذب على النفس.

ذلك أننا إن تأملنا في حياة أي فيلسوف أو مفكر أو عارف نجد له اهتماما بشؤونه

اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 457
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست