اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 444
رَبِّكَ
الْمُنْتَهَى﴾ [النجم: 42]
وهذا
ما يعطي ذلك الجزاء بشقيه أبعادا تربوية كبيرة، ذلك أن المحسنين والمسيئين بسبب
تلك العلاقات الكثيرة التي يجدونها، والمعاني الكثيرة التي يسمعونها يسيرون في
سيرهم التكاملي، إما للترقي في درجات الجنة، أو الترقي في دركات جهنم إلى أن
يخرجوا منها إن كانت لديهم قابلة ذلك الترقي، كما سنرى.
وربما
يكون أحسن قانون للتعبير عن العلاقات التي تربط أهل دار الجزاء، وما قبلها في أرض
المحشر تلك القاعدة المعروفة التي تقول: (ما كان لله دام واتصل، وما كان لغير الله
انقطع وانفصل)؛ وكأنها تنبه وتربي أهل تلك الديار على ضرورة إقامة العلاقة مع
الله، واعتبارها الأصل الذي تقوم عليه كل العلاقات.
وقد
عبر القرآن الكريم عن هذا المعنى عند إخباره عن القوانين التي تحكم النشأة الأخرى،
فقال: ﴿الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا
الْمُتَّقِينَ﴾ [الزخرف: 67]، وقد علق عليه الزمخشري بقوله: (أى: تنقطع في
ذلك اليوم كل خلة بين المتخالين في غير ذات الله، وتنقلب عداوة ومقتا، إلا خلة
المتصادقين في الله، فإنها الخلة الباقية المزدادة قوّة إذا رأوا ثواب التحاب في
الله تعالى والتباغض في الله)[1] بناء على هذا نذكر هنا
بعض مظاهر التواصل والقطيعة التي تتجلى في دار الجزاء، وذلك من خلال العنوانين
التاليين:
أ ـ التواصل ومظاهره:
يذكر
القرآن الكريم الكثير من المظاهر التي تبين مدى التواصل الذي يحدث بين المؤمنين في
الجنة بعضهم ببعض، أو مع الملائكة أو مع الله تعالى، أو حتى مع المخلوقات