وهكذا يذكر القرآن الكريم تلك الصيحات
الكثيرة الممتلئة بالألم، عندما يكفر الظالمون بعضهم ببعض، ويلعن بعضهم بعضا
محتجين ومتبرئين، قال تعالى: ﴿قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ
قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ
لَعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ
لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ
النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ (38) وَقَالَتْ
أُولَاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ فَذُوقُوا
الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (39) ﴾ [الأعراف: 38 - 40]
وهذا كله يشير إلى أن
كل من باع الله ودينه لإرضاء أي جهة من الجهات؛ سوف ترتد عليه تلك الجهة نفسها
التي باع الله من أجلها، كما ورد في الحديث عن رسول الله a
أنه قال: (من التمس رضى الله بسخط الناس، رضي الله عنه، وأرضى الناس عنه، ومن
التمس رضا الناس بسخط الله، سخط الله عليه، وأسخط عليه الناس)[2]، وفي رواية: (من التمس رضاء الله بسخط الناس
كفاه الله مؤنة الناس، ومن التمس رضاء الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس)
4 ـ التواصل والقطيعة:
من
أهم أنواع الجزاء المعنوي التي يجازي الله تعالى بها عباده المحسنين والمسيئين وأشرفها وأخطرها ما يمكن أن
نطلق عليه [التواصل والقطيعة]، ذلك أن القرآن الكريم يعرض حياة المحسنين والمسيئين
في دار الجزاء باعتبارها حياة اجتماعية ترتبط بجهات كثيرة ابتداء من أسرهم
وأصدقائهم، والملائكة التي تحيط بهم من كل جانب، وغيرهم من المخلوقات، والتي تنتهي
جميعا بالعلاقة والتواصل مع الله تعالى، كما قال تعالى: ﴿ وَأَنَّ إِلَى