فهذه
الآيات الكريمة تصور الأنوار التي يسعد بها المؤمنون بسبب الصفاء والطهارة التي
اكتسبوها في الدنيا، بينما تخمد تلك الأنوار المزيفة للمنافقين والمحتالين ومرضى
القلوب، والذين يكتشفون حينها أنهم لا يملكون أي ملكات تؤهلهم لدخول الجنة، ولذلك
لا يسمح لهم بالرحلة إليها.
وقد
ورد في الأحاديث والآثار ما يشير إلى هذا، فعن ابن مسعود، قال: (يجمع الله الناس
يوم القيامة.. فمنهم من يعطى نوره مثل الجبل بين يديه، ومنهم من يعطى نوره فوق
ذلك، ومنهم من يعطى نوره مثل النخلة بيمينه، ومنهم من يعطى دون ذلك بيمينه، حتى
يكون آخر من يعطى نوره في إبهام قدمه، يضيء مرة ويطفأ أخرى، إذا أضاء قدم قدمه،
وإذا أطفأ قام، قال: فيمر ويمرون على الصراط، والصراط كحد السيف دحض مزلة، ويقال
لهم: امضوا على قدر نوركم، فمنهم من يمر كانقضاض الكوكب، ومنهم من يمر كالريح،
ومنهم من يمر كالطرف، ومنهم من يمر كشد الرجل، يرمل رملاً على قدر أعمالهم، حتى
يمر الذي نوره على إبهام قدمه، تخر يد، وتعلق يد، وتخر رجل وتعلق رجل، وتصيب
جوانبه النار، فيخلصون فإذا خلصوا، قالوا: الحمد لله الذي نجانا منك، بعد أن
أراناك، لقد أعطانا ما لم يعط أحد) [1]
وقد
ورد في الحديث ما يشير إلى أن للملكات الطيبة التي امتلكها الإنسان في الدنيا
أثرها في تخفيف العقوبات عنه، أو في نجاته منها، ففي الحديث عن رسول الله a
أنه قال:
[1]
رواه البيهقي في (البعث والنشور) (419). والحديث رواه الطبراني (9/ 357)، والحاكم
(2/ 408). وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذا اللفظ.
اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 386