اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 37
ولهذا
نجد القرآن الكريم ينبه هؤلاء الذين يقيسون قدراتهم بقدرة الله إلى النظر في
الكون، لاكتشاف مدى ضعفهم وجهلهم وعجزهم أمام قوة الله وعلمه وقدرته المطلقة.
وهذا
دليل عدم علمية هذا النوع من التفكير، ذلك أن العالم الذي يرى هذا الكون، ودقته
ونظامه، ويرى جسم الإنسان، وما أودع فيه من الطاقات، لا يحيل على الصانع البديع
الذي صمم هذا الكون والإنسان بأن يعيده، أو يحييه.
ولذلك
رد القرآن الكريم على منكري البعث لتوهمهم استحالته، بإثبات قدرة الله المطلقة
التي يدل عليها الواقع، قال تعالى: ﴿وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ
خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا
الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79) الَّذِي
جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ
تُوقِدُونَ (80) أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ
عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (81)
إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82)
فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (83)
﴾ [يس: 78 - 83]
وهكذا
يدعو الله العقول المتحجرة التي تحصر معارفها فيما تراه، وفي قدراتها المحدودة،
وتتوهم أن قدرة الله مثل قدرتها، بأن تنظر في الكون لترى أن قدرة الله التي صممته ذلك
التصميم البديع يستحيل أن يمتنع ذلك عليها، وهذا خطاب ممتلئ بالعلمية والعقلانية.
وهكذا
يخاطب القرآن الكريم المنكرين للمعاد، بأن ينظروا في السموات والأرض، ليستدلوا
بالقدرة على النشأة الثانية بالقدرة على النشأة الأولى، قال تعالى: ﴿أَوَلَيْسَ
الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ
مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ﴾ (يّس:81)، فكل شيء يسير
على الله، والكون كله يدل على ذلك اليسر، قال تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا
كَيْفَ يُبْدِئُ الله الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى الله يَسِيرٌ ﴾
[العنكبوت: 19]
اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 37