ثم ذكر حديث المفلس، وعلق عليه بقوله: (فانظر
إلى مصيبتك في مثل هذا اليوم إذ ليس تسلم لك حسنة من آفات الرّياء ومكايد الشيطان؛
فإن سلمت حسنة واحدة في كلّ مدّة طويلة ابتدرك خصماؤك وأخذوها ولو أنّك حاسبت نفسك
وأنت مواظب على صيام النهار وقيام اللّيل لعلمت أنّه لا ينقضي عنك يوم إلّا ويجري
على لسانك من غيبة المسلمين ما يستوفى جميع حسناتك؛ فكيف ببقية السيّئات من أكل
الحرام والشبهات والتقصير في الطاعات فكيف ترجو الخلاص من المظالم في يوم يقتصّ
فيه للجمّاء من القرناء.. فكيف أنت يا مسكين في قوم ترى صحيفتك خالية من حسنات طال فيها تعبك فتقول: أين حسناتي؟ فيقال لك قد نقلت
إلى صحيفة خصمائك وترى صحيفتك مشحونة بسيّئات طال في الصبر عنها نصبك واشتدّ بسبب
الكفّ عنها عناؤك فتقول: يا ربّ هذه سيّئات ما قارفتها قطّ فيقال هذه سيّئات القوم
الّذين اغتبتهم وشتمتهم وقصدتهم بالسّوء وظلمتهم في المبايعة والمجاورة والمخاطبة
والمناظرة والمذاكرة والمدارسة وسائر أصناف المعاملة) [2]
4 ـ الموازين
ومعاييرها:
من
تجليات العدالة الإلهية في أرض المحشر تلك الموازين الكثيرة التي توزن بها الأعمال
وأصحابها، بعد تلك المراحل الكثيرة الطويلة التي يمر بها الإنسان، سواء في حياته
الدنيا، أو في حياة البرزخ، أو بعد تلك المواقف الطويلة في أرض المحشر.
والغرض
من تلك الموازين ـ كما تدل على ذلك النصوص المقدسة ـ هو نفس غرض تلك الدرجات التي
تعطى للطلبة في الدنيا بعد مرورهم بالامتحانات المختلفة، والتي من خلالها يحدد
مصيرهم، إما النجاح، والانتقال إلى الوظيفة المناسبة لذلك النجاح، أو