responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 356

بقلبه ويطيب قلوبهم حتّى يموت ولم يبق عليه مظلمة ولا فريضة، فهذا يدخل الجنّة بغير حساب، وإن مات قبل ردّ المظالم أحاطت به خصماؤه؛ فهذا يأخذ بيده، وهذا يقبض على ناصيته، وهذا يتعلّق بتلبيبه، هذا يقول ظلمتني، وهذا يقول شتمتني، وهذا يقول: قد استهزأت بي، وهذا يقول: ذكرتني في الغيبة بما يسوؤني، وهذا يقول: جاورتني فأسأت جواري، وهذا يقول عاملتني فغششتني، وهذا يقول: بايعتني فغبنتني وأخفيت عنّي عيب سلعتك، وهذا يقول: كذبت في سعر متاعك، وهذا يقول رأيتني محتاجا وكنت غنيّا فما أطعمتني، وهذا يقول: وجدتني مظلوما وكنت قادرا على دفع الظلم عنّي فداهنت الظالم وما راعيتني، فبينا أنت كذلك وقد أنشب الخصماء فيك مخالبهم فأحكموا في تلابيبك أيديهم وأنت مبهوت متحيّر من كثرتهم حتّى لم يبق في عمرك أحد عاملته على درهم أو جالسته في مجلس إلّا وقد استحقّ عليك مظلمة بغيبة أو خيانة أو نظر بعين استحقار، وقد ضعفت عن مقاومتهم، ومددت عنق الرّجاء إلى سيّدك ومولاك لعلّه يخلصك من أيديهم إذ قرع سمعك نداء الجبّار ﴿الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ [غافر: 17]؛ فعند ذلك ينخلع قلبك من الهيبة، وتوقن نفسك بالبوار، وتتذكّر ما أنذرك اللّه تعالى به على لسان رسوله حيث قال: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ ﴾ [إبراهيم:42 ـ 43]، فما أشدّ فرحك اليوم بتمضمضك بأعراض النّاس وتناولك أموالهم، وما أشدّ حسرتك في ذلك إذا وقف بك على بساط العدل وشوفهت بخطاب السياسة وأنت مفلس فقير عاجز مهين لا تقدر على أن تردّ حقّا أو تظاهر عذرا فعند ذلك يؤخذ حسناتك الّتي تعبت فيها عمرك وتنقل إلى خصمائك عوضا عن

اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 356
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست