اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 354
تعالى على ذنبه في الدنيا؛ فالله أحكم وأكرم
أن يعاقب عبده مرتين، وأما الذي لايغفر فظلم العباد بعضهم لبعض، إن الله تبارك
وتعالى أقسم قسما على نفسه فقال: وعزتي وجلالي لا يجوزني ظلم ظالم ولو كف بكف، ولو
مسحة بكف، ونطحة ما بين الشاة القرناء إلى الشاة الجماء؛ فيقتص الله للعباد بعضهم
من بعض حتى لا يبقى لاحد عند أحد مظلمة، ثم يبعثهم الله إلى الحساب، وأما الذنب
الثالث فذنب ستره الله على عبده ورزقه التوبة فأصبح خاشعا من ذنبه راجيا لربه،
فنحن له كما هو لنفسه، نرجو له الرحمة، ونخاف عليه العقاب)[1]
وبين a كيفية الخلاص من الحساب
المرتبط بهذا النوع من الذنوب، فقال: (من كانت عنده مظلمة
لأخيه فليتحلله منها، فإنه ليس ثمَّ دينار ولا درهم من قبل أن يؤخذ لأخيه من
حسناته، فإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات أخيه فطرحت عليه)[2]
وقد اعتبر رسول الله a الواقع في أمثال هذه الذنوب
مفلسا، وإن جاء بجبال من الحسنات، لأنها سرعان ما توزع على الذين ظلمهم، قال a:
(أتدرون من المفلس؟) قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: (إن المفلس
من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا،
وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن
فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه، أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار)[3]
وفي حديث آخر قال رسول الله a:
(إنّ الشيطان قد يئس أن تعبد الأصنام بأرض العرب ولكن سيرضى منكم بما هو دون ذلك
بالمحقّرات وهي الموبقات، فاتّقوا الظلم ما استطعتم فإنّ العبد ليجيء يوم القيامة
بأمثال الجبال من الطاعات فيرى أنّها ستنجينّه، فما