responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 344

ـ كما سنرى ـ وهي ما يطلق عليه [الحساب التكويني والتدويني]

ذلك أن النصوص المقدسة عندما تتحدث عن الحساب تذكر كلا النوعين.. فقوله تعالى ـ مثلا ـ: ﴿الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ﴾ [الرحمن: 5] يشير إلى الحساب التكويني، والذي يشمل كل شيء، كما قال تعالى: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾ [القمر: 49]، وقال: ﴿ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ ﴾ [الحجر: 21]، وقال: ﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ﴾ [المؤمنون: 18]

وغيرها من الآيات الكريمة التي تبين أن الله تعالى مع كرمه العظيم، وجوده الواسع إلا أنه برحمته وعدالته وتربيته لعباده، يصب عليهم من فضله بحسب حاجتهم، حتى لا يطغوا، كما قال تعالى: ﴿وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ﴾ [الشورى: 27]

وهذا يدعونا إلى التساؤل عن نوع الحساب في الآخرة، وهل هو من هذا النوع، أم أنه حساب تدويني، أي تدون فيه الأعمال وغيرها، بعيدا عن البعد التكويني؟

وقد أجاب على هذا التساؤل العلامة جعفر السبحاني بقوله: (كلّ ما يصدر من الإنسان من الأعمال الحسنة والسيئة فهو ذو تأثير على مصير الفرد والمجتمع يسوقهما إلى السعادة والتكامل أو إلى الشقاء والانحطاط، أو إلى غير ذلك من الآثار، بل تؤثر في الحياة الأُخروية ومصير الإنسان فيها، ولذلك قالوا: الدنيا مزرعة الآخرة، فما يزرعه فيها يحصده في الدار الآخرة، وعلى ضوء ذلك فلو كان المراد من الحساب المحاسبة التكوينية، فالأعمال كلّها تُحاسب بمعنى أنّها تؤثر في مصير الإنسان وحياته الأُخروية حسنها وسيّئها ولا يغادر فعل في ذلك المقام، ولأجل ذلك يفترق الإنسان إلى أصحاب اليمين وأصحاب الشمال. لأجل جزاء أعماله ولا يتطرق التخصيص إلى المحاسبة الكونية، فإنّ التكوين لا يقبل

اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 344
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست