اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 343
كتابه فيتجاوز له عنه، إنه من نوقش الحساب
يومئذ هلك) [1]
ونحب أن ننبه إلى أن طول الحساب وشدته، لا
يعني كونه عسيرا؛ فقد يكون ذلك لكثرة المسؤوليات التي ارتبطت بالمسؤول بخلاف غيره،
كما وضح الإمام الصادق ذلك بقوله: (إذا كان يوم القيامة وقف عبدان مؤمنان، للحساب
كلاهما من أهل الجنة، فقير في الدنيا، وغني في الدنيا، فيقول الفقير: يا ربّ على
ما أوقف؟ فوعزتك إنّك لتعلم أنّك لم تولّني ولاية فأعدل فيها أو أجور، ولم ترزقني
مالاً فأُؤدّي منه حقاً أو أمنع، ولا كان رزقي يأتيني منها إلاّ كفافاً على ما
علمت وقدّرت لي، فيقول الله جلّ جلاله: صدق عبدي خلّوا عنه يدخل الجنّة. ويبقى
الآخر حتّى يسيل منه من العرق ما لو شربه أربعون بعيراً لكفاها، ثمّ يدخل الجنة،
فيقول له الفقير، ماحبسك؟ فيقول: طول الحساب، مازال الشيء يجيئني بعد الشيء يغفر
لي، ثمّ اسأل عن شيء آخر حتى تغمّدني الله عزّوجلّ منه برحمة وألحقني بالتائبين،
فمن أنت؟ فيقول: أنا الفقير الذي كنت معك آنفاً، فيقول: لقد غيّرك النعيم بعدي)[2]
وهكذا أخبر رسول الله a أن الحساب قد ييسر ويخفف على
الشخص بناء على طبيعته السمحة ولينه، ففي الحديث قال a: (حوسب رجل ممن كان قبلكم فلم
يوجد له من الخير شيء إلا أنه كان يخالط الناس وكان موسراً، فكان يأمر غلمانه أن
يتجاوزوا عن المعسر. قال: قال الله عز وجل: نحن أحق بذلك منه، تجاوزوا عنه) [3]
وقبل
أن نذكر المجالات التي يكون فيها الحساب ـ حسبما ورد في النصوص المقدسة ـ نحب أن
نذكر هنا مسألة مهمة تتعلق بنوع الحساب وكيفيته، ولها علاقة كذلك بالموازين