اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 342
هناك
مكشوف عيانا وواضح دون لبس، ولكن يوجد هناك سؤال توبيخ وهو بنفسه نوع من العذاب
النفسي للمجرمين.. وينطبق هذا تماما في ما لو سأل الأب ابنه غير المؤدب: ألم أقدم
لك كل هذه الخدمات؟.. أهذا جزاء ما قدمت؟! في حين أن كلا من الأب والابن يعرفان
الحقيقة، وأن قصد الأب من سؤاله لإبنه هو التوبيخ لا غير!)[1]
وبناء على هذا كله، ورد في النصوص
المقدسة ذكر نوعين من الحساب: العسير واليسير، أما اليسير، فهو العرض المجرد عن
العتاب والتوبيخ، وأما العسير، فهو ذلك العرض الذي يكون معه التوبيخ الشديد.
ولهذا ذكر الله تعالى أن أصحاب الحساب اليسير
هم المؤمنون الطيبون، بخلاف أصحاب الحساب العسير، كما قال تعالى: ﴿فَأَمَّا
مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (7) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (8)
وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا ﴾ [الانشقاق: 7 - 9]، وفي مقابله
ذكر صاحب الحساب العسير، فقال: ﴿وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ
ظَهْرِهِ (10) فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا (11) وَيَصْلَى سَعِيرًا (12) إِنَّهُ
كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا (13) إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ (14) بَلَى
إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا﴾ [الانشقاق: 10 - 15]، وقال: ﴿الْمُلْكُ
يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا ﴾
[الفرقان: 26]
وقد ورد في الحديث تفسير ذلك، فقد قال a: (ليس أحد يحاسب يوم القيامة إلا معذبا)، فقيل له: أليس الله يقول: ﴿
فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا ﴾ [الانشقاق: 8]؟ فقال: (ذاك العرض،
إنه من نوقش الحساب عذب) [2]
وفي حديث آخر أن رسول الله a
سُمع في بعض صلاته يقول: (اللهم حاسبني حسابا يسيرا)، فلما انصرف، قيل له: يا رسول
الله، ما الحساب اليسير؟ قال: (أن ينظر في