والاختلاف
في التقديرات العددية إما أنه مبني على خطأ الرواة في رواية الحديث، أو بسبب
الاختلاف الحاصل بين الفقراء والأغنياء، كما ذهب إلى ذلك القرطبي،
حيث ذكر أن (الفقراء متفاوتون في قوة إيمانهم وتقدمهم، والأغنياء كذلك، فإذا كان الحساب باعتبار أول الفقراء دخولاً الجنة وآخر الأغنياء دخولاً الجنة فتكون المدة خمسمائة عام، أما إذا نظرت إلى آخر الفقراء دخولاً الجنة وأول الأغنياء
دخولاً الجنة فتكون المدة أربعين خريفاً، باعتبار أول الفقراء وآخر الأغنياء)[3]
وهكذا
ورد في النصوص المقدسة ما يشير إلى أن كبار المجرمين لا تتاح لهم فرصة المساءلة
بناء على اشتهار ذنوبهم أو كثرتها، كما قال تعالى: ﴿وَلَا يُسْأَلُ عَنْ
ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ﴾ [القصص: 78]، وقال: ﴿فَيَوْمَئِذٍ لَا
يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ﴾ [الرحمن: 39]
وقد
حاول العلماء الجمع بين هذه الآيات وقوله تعالى: ﴿ فَوَرَبِّكَ
لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الحجر:
92، 93]، ومن أحسن ما قيل فيها ما قاله الشيخ مكارم الشيرازي، فقد قال: (يمكن
الإجابة على هذا السؤال عن طريقين: الأول: إن المواقف في يوم القيامة متعددة، ففي
بعضها يقع السؤال والجواب، وفي بعض المواقف لا حاجة للسؤال، لأن الحجب مكشوفة، وكل
شيء واضح هناك.. الثاني: إن السؤال عادة نوعان، سؤال تحقيق، وسؤال توبيخ، فليس في
يوم القيامة سؤال للتحقيق، لأن كل شيء