وربما
يكون هذا النوع من الشهود مرتبطا بالكتب العامة، وخاصة تلك الكتب التي تؤرخ للأمم،
كما نص على ذلك قوله تعالى: ﴿ وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ
أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ
(28) هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ
مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [الجاثية: 28، 29]
فهذه
الآيات الكريمة تدل على أن الشهود مختلفي الدرجات، أو بحسب أنواع الكتب، فالكتاب
المرتبط بالأمة يكون النبي هو الشاهد الأكبر فيه، كما قال تعالى: ﴿
وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ
وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ﴾ [النحل: 89]، وقال: ﴿
هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ
شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ﴾ [الحج: 78]
وقد
يكون لهذا النوع من الشهادة علاقة بالأعمال الخاصة بأفراد الأمة، وخاصة من ذوي
التأثير فيها، كما ورد النص على ذلك في أحاديث كثيرة تفسر قوله تعالى: P وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى
اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ
الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ O [التوبة: 105]،
فالآية الكريمة لم تخص رؤية المؤمنين بالحياة دون الموت، بل هي تشملهما جميعا.
ويؤكد
ذلك ما ورد من الروايات الكثيرة في بيان علاقة رسول الله a بأمته بعد موته، ومعرفته بها،
وتواصله معها، واطلاعه على أعمالها، لأنه لا يمكن أن يكون شهيدا
اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 313