اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 312
كلها، ويدفع إليه كتابه في ذلك الستر، فيقول: اقرأ يا ابن آدم كتابك، فيمر بالحسنة فيبيض لها وجهه، ويسر بها قلبه، قال: فيقول الله تعالى: أتعرف يا
عبدي؟ فيقول: يا رب أعرف، فيقول: إني قد تقبلتها منك، فيخر ساجداً، فيقول: ارفع
رأسك، وخذ في كتابك، فيمر بالسيئة فيسود لها وجهه، ويوجل منها قلبه، وترعد منها
فرائصه، ويأخذه من الحياء من ربه ما لا يعلمه غيره، فيقول الله: أتعرف يا عبدي؟
فيقول: نعم يارب أعرف، فيقول: فإني قد غفرتها لك؛ فلا يزال بين حسنة تقبل وسيئة
تغفر فيسجد، لا يرى الخلائق منه إلا ذلك السجود، حتى ينادي الخلائق بعضها بعضا:
طوبى لهذا العبد الذي لم يعص الله قط، ولا يدرون ما لقي فيما بينه وبين الله تعالى
مما قد وقفه عليه) [1]
وهذا يدل على أن العبد الذي يسلم بشهادة
الله، ويكتفي بها لا يجلب الفضيحة لنفسه، مثل ذلك الذي يجادل، حتى يفضح نفسه بين
جميع الشهود، بالإضافة إلى أن الاكتفاء بشهادة الله قد يؤهل العبد لمغفرته وتجاوزه،
لأن ذلك علامة على كونه قد ترقى في مراتب الكمال التي جعلته يرضى بالله.
ب ـ شهادة الأنبياء:
وهي من
الشهادات التي دلت عليها النصوص المقدسة الكثيرة، ومنها قوله تعالى: ﴿فَكَيْفَ
إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا
(41) يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى
بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا ﴾ [النساء: 41، 42]
وقال
عن المسيح عليه السلام: ﴿وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا
لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ
شَهِيدًا ﴾ [النساء: 159]