اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 243
وروي عن سهل، قال: (التقى النبي a
والمشركون في بعض مغازيه، فاقتتلوا، فمال كل قوم إلى عسكرهم،
وفي المسلمين رجل لا يدع من المشركين شاذة ولا فاذة إلا اتبعها فضربها بسيفه،
فقيل: يا رسول الله، ما أجزأ أحد ما أجزأ فلان، فقال: (إنه من أهل النار)، فقالوا:
أينا من أهل الجنة، إن كان هذا من أهل النار؟ فقال رجل من القوم: لأتبعنه، فإذا
أسرع وأبطأ كنت معه، حتى جرح، فاستعجل الموت، فوضع نصاب سيفه بالأرض، وذبابه بين
ثدييه، ثم تحامل عليه فقتل نفسه، فجاء الرجل إلى النبي a فقال:
أشهد أنك رسول الله، فقال: (وما ذاك)، فأخبره، فقال: (إن الرجل ليعمل بعمل أهل
الجنة، فيما يبدو للناس، وإنه لمن أهل النار، ويعمل بعمل أهل النار، فيما يبدو
للناس، وهو من أهل الجنة)[1]
ولذلك كان أكثر خوف الصالحين من الخاتمة المغيب
شأنها، والتي يجتمع فيها كل القرارات المصيرية التي يتخدها الإنسان طيلة حياته،
ولذلك يمكن اعتبارها الخلاصة التي ينتهي إليها الإنسان.
وقد أشار الغزالي إلى سر ذلك، فقال: (اعلم أن
سوء الخاتمة على رتبتين: إحداهما أعظم من الأخرى؛ فأما الرتبة العظيمة الهائلة فأن
يغلب على القلب عند سكرات الموت وظهور أهواله إما الشك وإما الجحود، فتقبض الروح
على حال غلبة الجحود أو الشك فيكون ما غلب على القلب من عقدة الجحود حجابا بينه
وبين الله تعالى أبدا، وذلك يقتضي البعد الدائم والعذاب المخلد.. والثانية وهي
دونها أن يغلب على قلبه عند الموت حب أمر من أمور الدنيا وشهوة من شهواتها؛ فيتمثل
ذلك في قلبه ويستغرقه حتى لا يبقى في تلك الحالة متسع لغيره؛ فيتفق قبض روحه في
تلك الحال؛ فيكون استغراق قلبه به منكسا رأسه إلى الدنيا وصارفا وجهه إليها، ومهما
انصرف الوجه عن الله تعالى حصل الحجاب، ومهما