اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 223
وقد قال الغزالي مشيرا إلى هذا المعنى: (واذا
انكشفت الغطاء عن أعين الغافلين؛ فشاهدوا الأمر كذلك، سمعوا عند ذلك نداء المنادي ﴿
لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾ [غافر: 16]، ولقد
كان الملك لله الواحد القهار كل يوم، لا ذلك اليوم على الخصوص، ولكن الغافلين لا
يسمعون هذا النداء إلا ذلك اليوم؛ فهو نبأ عما يتجدد للغافلين من كشف الأحوال حيث
لا ينفعهم الكشف؛ فنعوذ بالله الحليم الكريم من الجهل والعمى، فإنه أصل أسباب
الهلاك)[1]
ويشير إلى هذا، بل يصرح به قوله تعالى في ذكر
السابقين: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ
عَنْهَا مُبْعَدُونَ (101) لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ
أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ (102) لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ
وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾
[الأنبياء: 101 - 103]
وقد ورد في الحديث أنه لما عاد رسول الله من
تبوك إلى المدنية المنورة، قدم إليه عمرو بن معدي كرب فقال له النبي a:
(أسلم يا عمرو يؤمنك الله من الفزع الأكبر)، قال: يا محمد وما الفزع الأكبر؟ فإني
لا أفزع فقال: (يا عمرو إنه ليس كما تظن وتحسب، إن الناس يصاح بهم صيحة واحدة فلا
يبقى ميت إلا نشر ولا حي إلا مات إلا ما شاء الله، ثم يصاح بهم صيحة أخرى فينشر من
مات ويصفون جميعا، وتنشق السماء، وتهد الأرض، وتخر