اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 224
الجبال هدا، وترمى النار بمثل الجبال شررا
فلا يبقى ذو روح إلا انخلع قلبه وذكر دينه وشغل بنفسه إلا ما شاء الله، فأين أنت
يا عمرو من هذا؟ قال: ألا إني أسمع أمرا عظيما.، فآمن بالله ورسوله، وآمن معه من
قومه ناس ورجعوا إلى قومهم)[1]
ولذلك فإن من مظاهر العدالة المرتبطة بالنفخ
في الصور ذلك الاستثناء، لأن الله تعالى أرحم من أن يصيب عباده الصالحين المقربين
بالفزع، وكيف يصيبهم به، وهم كانوا يقرون له بذلك قبل أن يروه، ويعلمون أنه صاحب
القدرة المطلقة، وأنه لا يعجزه شيء في الأرض، ولا في السماء.
بعد هذا، وبناء على أن من أغراض هذا الكتاب
تقريب المعارف المرتبطة بالمعاد إلى العقول، ونفي الشبهات التي تثار حوله، فإنا
سنذكر هنا بعض الصور التقريبية للنفخ في الصور، والتي تساهم لا في كشف حقيقته،
فذلك مستحيل، وإنما في توضيحه وتقريبه ونفي الشبهات عنه.
فالنفخ في الصور، قد يكون مرتبطا بالصوت، وقد
يكون مرتبطا بالصور، وقد يكون تأثيرا في الكون جميعا، مثلما نفعل عندما نضع تيارا
كهربائيا عاليا على مساحة معدنية معينة، وإذا بها تهتز جميعا، وقد يكون على شكل
التأثير الذي يطلق عليه [الحرب الالكترونية]، وغيرها من الأشكال الكثيرة التي لا
نستطيع حصرها.
وقد ذكر بعض المهتمين بربط الحقائق القرآنية
بحقائق العلم بعض ما يقرب ذلك، مستندا إلى ما ورد في القرآن الكريم من إهلاك الأمم
بالصيحات، كما قال تعالى مخبرا عما حصل لثمود: ﴿وَأَخَذَ الَّذِينَ
ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ﴾ [هود: 67]،
وقال مخبرا عما حصل لأهل مدين: ﴿ وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا
شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا