اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 209
فقد ورد في تفسير هذه الآيات أن المراد منه
الجمع بين النظراء أو الأشكال منهم كل صنف إلى صنف[1]، وقد ورد في الحديث قوله a في تفسير الآية:(يقرن كل رجل مع كل قوم كانوا يعملون كعمله)
وقال ابن عباس:(ذلك حين يكون الناس أزواجا
ثلاثة، السابقون زوج - يعني صنفا - وأصحاب اليمين زوج، وأصحاب الشمال زوج)
وعنه أيضا:(قرن كل شكل بشكله من أهل
الجنة وأهل النار، فيضم المبرز في الطاعة إلى مثله، والمتوسط إلى مثله، وأهل
المعصية إلى مثله)
وقال ابن مسعود:(لو أن رجلاً قام بـين الركن
والمقام يعبد الله سبعين سنة لبعثه الله يوم القيامة مع من يحب)
وقد بينت النصوص علة هذا التفريق بقوله تعالى:﴿ لِيَمِيزَ الله الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ
بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ
أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾ (لأنفال:37)
فالبشر في ذلك مثل الشوائب التي تختلط
بالمعادن النفيسة، فإنها بعد عرضها على كير الامتحان يميز الذهب، فيوضع في أعناق
الحسان، ويرمى بالشوائب إلى القمامات.
وبما أن ذلك التمييز يحتاج إلى أدوات تمييز،
وموازين، ومقاييس تميز بها المعادن النفيسة ومراتبها، والمعادن الخسيسة ومراتبها،
وخبراء يشرفون على كل ذلك، فقد وضع الله تعالى لدار المعاد كذلك من الموازين ما
تقتضيه العدالة الإلهية، ولو أن الله تعالى قادر على التمييز بينهم من دون حاجة
لتلك الموازين.. ولكن عدالة الله تأبى إلا أن تتعامل مع العباد وفق السنن، لتقيم
الحجج عليهم.