اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 150
اليقظان
لذةً وآلمًا لما يسمعه أو يفكر فيه ولا يشاهد ذلك جليسه منه، وكذا كان جبرائيل
يأتي النبي a فيخبره بالوحي الكريم ولا يدركه الحاضرون، وكل هذا ظاهر جلي، وأما ضربه
بالمطارق فلا يمتنع أن يوسع له في قبره فيقعد ويضرب)[1]
وقد
حاول العلماء لرد تلك التخيلات والأوهام والشبهات أن يبسطوا هذا المعنى، ويقربوه
خاصة لأولئك الذين يذكرون أنهم يرون الموتى بصورة عادية، ولا يرون أي آثار للعذاب
عليهم.
ومنهم
الغزالي الذي عقب على تلك النصوص المقدسة التي تذكر الحيات والعقارب وأنواع
العذاب، بذكر درجات الإيمان بهذا؛ فقال: (فأمثال هذه الأخبار لها ظواهر صحيحة،
وأسرار خفيّة، ولكنها عند أرباب البصائر واضحة، فمن لم تنكشف له حقائقها فلا ينبغي
أن ينكر ظواهرها. بل أقل درجات الإيمان التصديق والتسليم، فإن قلت: فنحن نشاهد
الكافر في قبره مدة ونراقبه، ولا نشاهد شيئا من ذلك، فما وجه التصديق على خلاف المشاهدة؟)[2]
ثم راح
يجيب على هذا السؤال، بأن للمؤمن ثلاث مقامات في التصديق بأمثال هذا، سنذكرها مع
بعض التفاصيل المرتبطة بها من خلال العناوين التالية:
أ ـ الوجود الحسي
للنعيم والعذاب في البرزخ:
وهو
أكملها وأظهرها وأصحها وأسلمها وأكثرها أدبا مع الله، وهو يعني التصديق بأنها ـ أي
الحيات والعقارب ـ موجودة فعلا، كما ورد في النصوص المقدسة، وهي تلدغ الميت، ولكنا
لانشاهدها، لأن (هذه العين لا تصلح لمشاهدة الأمور الملكوتية، وكل ما يتعلق
بالآخرة فهو من عالم الملكوت. أما ترى الصحابة رضي الله عنهم كيف كانوا يؤمنون