responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 149

بالإضافة إلى أن هناك من الروايات ما يدل على أن عالم البرزخ يشبه كثيرا عالم الأحلام، ولذلك تُرى فيه الأشياء الرمزية بصيغتها المجسمة، كما ورد في الرواية التي تقول: (السخاء شجرة في الجنة وأغصانها في الدنيا، فمن تعلق بغصن منها أدته إلى الجنة والبخل شجرة في النار وأغصانها في الدنيا فمن تعلق بغصن منها أدته إلى النار)[1]

وذلك كله من مقتضيات التربية ووسائلها، والتي تستعملها الملائكة مع أهل البرزخ لإخراجهم من الظلمات إلى النور، عبر تعريفهم بحقائق الوجود التي لم يستطيعوا هضمها في حياتهم الدنيا.

ومن هذا الباب أيضا توهمهم أن المراد من عذاب القبر ونعيمه، ارتباطه بالقبر الحقيقي المعروف، وهذا غير صحيح، فهذه التسمية جاءت من باب الغالب، لا من باب الحقيقة المطلقة، والتسمية الصحيحة لذلك، بحسب ما يذكر القرآن الكريم هي [البرزخ]، وهي المرحلة الفاصلة بين الحياتين الدنيا والآخرة، كما قال تعالى: ﴿كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ [المؤمنون: 100]

ولهذا نرى العلماء ينبهون كل حين إلى أن المراد بالقبر هي حياة البرزخ، لا القبر في حد ذاته، كما قال النووي: (لا يمنع من سؤال الملكين وعذاب القبر كون الميت قد تفرقت أجزاؤه، كما نشاهد في العادة، أو أكلته السباع أو حيتان البحر أو نحو ذلك، فكما أن الله تعالى يعيده للحشر، وهو سبحانه وتعالى قادر على ذلك، فكذا يعيد الحياة إلى جزءٍ منه أو أجزاءٍ وإن أكلته السباع والحيتان، فإن قيل: فنحن نشاهد الميت على حاله في قبره، فكيف يسأل ويقعد ويضرب بمطارق من حديد ولا يظهر له أثر؟! فالجواب أن ذلك غير ممتنعٍ، بل له نظير في العادة، وهو النائم، فإنه يجد لذةً وآلامًا لا نحس نحن شيئًا منها، وكذا يجد


[1] الاختصاص: ٢٥٢، وورد باختلاف في ألفاظه في أمالي الطوسي ٢: ٨٩.

اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 149
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست