اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 146
دركاتهم.
وهذه الدرجات بحسب اختلاف الطاعات والمعاصي)[1]
ثم ذكر
الأعمال المرتبطة بكل مرتبة، فذكر أن المرتبة الأولى مرتبة الهالكين لا تكون إلا (للجاحدين
والمعرضين، والمتجردين للدنيا، المكذبين بالله ورسله وكتبه، فإن السعادة الأخروية
في القرب من الله والنظر إلى وجهه، وذلك لا ينال أصلا إلا بالمعرفة التي يعبر عنها
بالإيمان والتصديق. والجاحدون هم المنكرون، والمكذبون هم الآيسون من رحمة الله
تعالى أبد الآباد، وهم الذين يكذبون برب العالمين، وبأنبيائه المرسلين، إنهم عن
ربهم يومئذ لمحجوبون لا محالة، وكل محجوب عن محبوبه فمحول بينه وبين ما يشتهيه لا
محالة، فهو لا محالة يكون مخترقا نار جهنم بنار الفراق) [2]
وأما المرتبة
الثانية، فمرتبة المعذبين، وهي مرتبة (من تحلى بأصل الإيمان، ولكن قصر في الوفاء
بمقتضاه فإن رأس الإيمان هو التوحيد، وهو أن لا يعبد إلا الله. ومن اتبع هواه فقد
اتخذ إلهه هواه، فهو موحد بلسانه لا بالحقيقة) [3]
ثم بين
وجوه التقصير وعلاقتها بالعذاب، فقال: (ولما كان الصراط المستقيم الذي لا يكمل
التوحيد إلا بالاستقامة عليه أدق من الشعر، وأحد من السيف، مثل الصراط الموصوف في
الآخرة، فلا ينفك بشر عن ميل عن الاستقامة ولو في أمر يسير، إذ لا يخلو عن اتباع
الهوى ولو في فعل قليل، وذلك قادح في كمال التوحيد، بقدر ميله عن الصراط المستقيم..
فذلك يقتضي لا محالة نقصانا في درجات القرب. ومع كل نقصان ناران: نار الفراق لذلك
الكمال الفائت بالنقصان، ونار جهنم كما وصفها القرآن، فيكون كل مائل عن الصراط
المستقيم معذبا مرتين من وجهين، ولكن شدة ذلك العذاب وخفته، وتفاوته