اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 131
ولهذا،
فإن الذين يزهدون في الحديث عن أمثال هذه المسائل، أو يعتبرونها تشويها لمفهوم
الألوهية في الإسلام، أو يملأون الناس بالرجاء الكاذب، يخالفون المقاصد التي وردت النصوص
الكثيرة بها، لا نصوص السنة وحدها، بل نصوص القرآن الكريم أيضا.
حيث
نجد فيه المشاهد الكثيرة التي تصور أنواع الآلام التي يمر بها المجرمون في المراحل
المختلفة التي تمر بها حياتهم ابتداء من البرزخ، وانتهاء بدار القرار، ومن تلك
المشاهد ما ورد من نصوص حول بيان مصيرهم عند الموت، ومنها ما ورد في آخر سورة
الواقعة بعد ذكر المقربين وأصحاب اليمين، قال تعالى: ﴿وَأَمَّا إِنْ كَانَ
مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ (92) فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ (93) وَتَصْلِيَةُ
جَحِيمٍ﴾ [الواقعة: 92 - 94]
وهي
تدل ـ كما ذكرنا سابقا ـ على أن هذا الصنف كان يعيش في هذه الأجواء بروحه ونفسه،
وباطن دنياه، ولذلك بمجرد أن يرفع عنه الحجاب في تلك اللحظات الخطيرة، يكتشف
الحقيقة، ويعرف أنه لم يكن سوى مثل ذلك المخدر الذي يعيش كل ألوان العذاب، وإن كان
يتوهم أنه يعيش بسلام وطمأنينة.
وبناء
على هذا، فإن هذا الصنف يعاين العذاب ابتداء من تلك اللحظات، وهو جزاء موافق
لعمله، لأنه لا يبدو له حينها إلا الصور الحقيقية لأعماله التي قدمها.
وقد
ورد في النصوص المقدسة ما يدل على أن هذا الصنف، وفي تلك اللحظات العصيبة، يطلب
العودة للحياة لتصحيح ما أخطأ فيه، كما قال تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ
ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا
كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾
[المؤمنون: 99، 100]، وقال: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ الله
وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (9) وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا
رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ
لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ
الصَّالِحِينَ (10) وَلَنْ يُؤَخِّرَ الله نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَالله
خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (11) ﴾
اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 131