اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 132
[المنافقون:
9 - 11]
وقد
ذكر القرآن الكريم أن هذه الحسرة تظل في قلوبهم يرددونها كل حين، مع علمهم أنها لن
تجديهم شيئا، قال تعالى: ﴿وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ
الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ
قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ
مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ (44) وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا
أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ
الْأَمْثَالَ﴾ [إبراهيم: 44، 45]
ومن
المشاهد القرآنية التي صورت تلك المعاناة الشديدة التي يلاقيها هذا الصنف عند
الموت، ما ورد في قوله تعالى: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ
كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا
عَذَابَ الْحَرِيقِ (50) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ الله لَيْسَ
بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (51)﴾ [الأنفال: 50، 51]
وعلل
ذلك، وبين سببه في موضع آخر، فقال:﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ
كَرِهُوا مَا نَزَّلَ الله سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَالله يَعْلَمُ
إِسْرَارَهُمْ (26) فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ
وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ (27) ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ الله
وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ﴾ [محمد: 26 - 28]
ولتقريب
هذا، نذكر أن الملائكة عليهم السلام يمثلون الولاء المطلق لله تعالى، ولذلك فإن كل
تصرفاتهم مبنية على ذلك الولاء، فهم رحمة ولطف وأدب مع المؤمنين الصادقين.. وهم في
نفس الوقت شدة وعذاب وقسوة على الظالمين الجاحدين.
وهذا
الوصف هو الذي دعا الله المؤمنين إلى تمثله، حتى يكونوا سلما لمن سالم، وحربا لمن
حارب، كما قال تعالى في وصف الفائزين بمعية رسول الله a: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ﴾
[الفتح: 29]
وهكذا،
فإن النزع المرتبط بهؤلاء شديد جدا، وهو يشير إلى مدى تشبثهم بالدنيا،
اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 132