اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 108
فيها،
وكأني أنظر إلى أهل النار يتضاغون فيها. فقال: (يا حارث عرفت فالزم)
[1]
ولكن
مع ذلك يظل الجسد ومتطلباته هو الحجاب الأكبر الذي يحول بين الإنسان وبين رؤية
العالم الآخر، ولهذا كان الموت بمثابة رفع الغطاء والحجاب الذي تنكشف به الحقائق،
كما عبر الشاعر عن ذلك بقوله:
سوف ترى إذا انجلى الغبار أفرس تحتك أم حمار
بناء
على هذا سنحاول في هذا الفصل بيان تجليات الحقائق في عالم البرزخ، وقد رأينا أنه
يمكن تصنيفها إلى أربع تجليات كبرى، كلها دلت عليها النصوص المقدسة، وهي:
1 ـ
تجلي حقيقة المصير: فيعرف الميت محله من السعادة والشقاء، مثلما يعرف التلميذ بعد
انتهاء الامتحان نجاحه أو رسوبه.
2 ـ
تجلي حقيقة الإيمان: وذلك بعد الاختبار الذي يتعرض له، والذي يكشف عن حقيقة
إيمانه، ومدى رسوخه فيه.
3 ـ
تجلي حقيقة العمل: حيث يرى الميت عمله في صورة حسنة أو قبيحة، ويظل ملازما له،
يتنعم به، أو يتعذب.
4 ـ
تجلى حقيقة الدنيا: ذلك أن الميت في عالم البرزخ يمكنه ـ بقوانين سنراها ـ أن يتواصل
مع عالم الدنيا، فيستفيد منهم، ويفيدهم.
هذه هي
التجليات الكبرى التي دلتنا عليها النصوص المقدسة، والتي سنحاول شرحها، وبيان
أدلتها، وفهم بعض أسرارها من خلال المباحث التالية:
أولا ـ البرزخ وتجليات حقيقة المصير:
[1]
مصنف ابن أبي شيبة 6/170 ح(30425)، المعجم الكبير للطبراني 3/266 ح(3367)
اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 108