اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 109
تذكر
النصوص المقدسة أن أول التجليات وأخطرها تجلي المصير الذي ظل الميت طول عمره يؤسس
له، ويبني بنيانه..
ولعل
أقرب مثال يقرب صورة ذلك ما يفعله بعضهم في حياتنا الدنيوية عندما يؤتى به معصب
العينين ليرى بنيانه الذي ظل سنين طويلة يبذل جهده في إكماله، وليكتشف المفاجأة
السارة بنفسه.
وهكذا
الأمر مع رفع تلك الحجب التي كانت تحول بين الإنسان وبين إدراك حقيقة البناء الذي
كان يبنيه، وهل كان بناء سعادة، أم بناء شقاء.
حيث
تذكر النصوص المقدسة أن ذلك التجلي لا يتم بعد الموت، وإنما قبله في لحظة الغرغرة،
وهي اللحظة التي تكون مقدمة للموت، حينها يكتشف الإنسان الحقيقة، قبل أن يغادر
عالم الدنيا، كما أشار إلى ذلك قوله تعالى: ﴿فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ
الْحُلْقُومَ (83) وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (84) وَنَحْنُ أَقْرَبُ
إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ (85) فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ
مَدِينِينَ (86) تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [الواقعة: 83 -
87]
فالآيات
الكريمة تشير إلى تلك اللحظة المفصلية التي يكتشف فيها الإنسان الحقائق التي كان
غافلا عنها، وهو ما يدل على أن عالم الآخر مختلط بعالم الدنيا، وأنه ليس من فرق
بينهما سوى في أدوات الإدراك التي يقتضيها التكليف.
وهو ما
يشير إليه قوله تعالى: ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (6)
يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ
غَافِلُونَ﴾ [الروم: 6، 7]، فالآية الكريمة تشير إلى أن الغفلة هي الحجاب
الذي حال بين الإنسان وبين رؤية عالم الآخرة، وهي التي جعلته يكتفي بظاهر الحياة
الدنيا، دون البحث عن باطنها، والذي تتشكل منه الآخرة.
وقد
قال محمّد الحسينالحسيني الطهراني مبينا دلالة
الآية الكريمة على هذا المعنى: (يمكن الاستنتاج من جعل ظاهر
الحياة الدنيا في الآية الاولى في مقابل الآخرة انّ الآخرة
اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 109