responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : هكذا تكلم لقمان المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 62

الشیطان

أعلم ـ يا بني ـ أن للشيطان دوره الكبير في غواية بني آدم.. وأنه لولاه لكان شأنهم مختلفا تماما.. لكني مع ذلك لا أستطيع أن أعلق كل ما يحصل من مآس وانحرافات وضلالات عليه.. ذلك أنه البداية، لكنه ليس النهاية.. وهو المحرض، لكنه ليس الفاعل.. وهو الدافع، لكنه لا يدفع بشدة، ولا بقهر، ولا يهيمن على من يدفعهم.. بل يفعل ذلك بلطف.. والمدفوعون هم الذين يختارونه، وكان في إمكانهم ألا يفعلوا.

فلذلك لا أستطيع أن ألقي كل اللوم عليه.. ولو فعلت ذلك لحاجّني، وغلبني، وأول ما يحاجني به أولئك المخلَصين الذين استطاعوا أن يتخلصوا من أسره، وينفلتوا من كيده، مع أن لهم كل ما لإخوانهم من بني آدم من استعداد للسقوط، وقدرة على تلقي الكيد الشيطاني.

لقد ذكر الشيطان نفسه هذا، وأخبر أن من استطاع أن يسيطر على نفسه، فستكون له القدرة على السيطرة على مكامن الوسوسة، وبذلك لن يتمكن من إضلاله، ولا غوايته، قال تعالى يذكر قوله هذا: {قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (39) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} [الحجر: 39، 40]

بل إن الله تعالى أقره على ذلك، وقال: { هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ (41) إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ} [الحجر: 41، 42]

وبذلك، فإن الشيطان تابع للإنسان قبل أن يكون الإنسان تابعا له.. فلولا تلك القابلية الإنسانية، لما كانت الوسوسة الشيطانية.. ولذلك كان الإنسان بادئا، ومسؤولا، ولا يستطيع أن يفر عن مسؤوليته بسبب وساوس الشياطين.

اسم الکتاب : هكذا تكلم لقمان المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 62
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست