اسم الکتاب : هكذا تكلم لقمان المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 63
وكيف له أن يفر عن مسؤوليته، وهو يعلم أن الله تعالى
الذي مكّن الشيطان من الوسوسة له قد مكن معه من الملائكة من يعمل مقابل عمله..
فالشيطان يوسوس والملك يعظ ويوجه ويحذر.. وهو لا يكف كل حين من إبداء مواعظه.
والمشكلة أن
الذي رضي وسوسة الشيطان فتح آذان قلبه له، وصمها عن سماع ملاكه.. ولو سمع لملاكه
لفر شيطانه عنه.
إن الأمر يا بني
يشبه شخصا يملك تلفازا يحوي قنوات كثيرة.. منها قنوات هداية، ومنها قنوات تضليل
وانحراف.. وبدل أن يختار قنوات الهداية ليستمع لها، راح يختار قنوات الضلالة.
نعم .. قنوات
الضلالة ملومة فيما تنشره من تضليل.. ولها دور في ذلك.. وتحاسب عليه.. لكن
المسؤولية لا تقع عليها وحدها.. بل تقع على ذلك المختار الذي اختارها، وكان في
إمكانه أن يختار غيرها.
أقول لك هذا يا
بني حتى لا تقع فيما يقع فيها المعارضون لربهم، المستدركون عليه، الذين جعلهم سوء
أدبهم، يتصورون أن الله ما خلق الشيطان إلا ليُضل الإنسان..
ومعاذ الله أن
يكون الهادي الذي وفر كل أسباب الهداية ساعيا لتضليل الخلق.. ولا منتقما منهم
بذلك.
وإنما خلق الله
الشيطان، أو مكّن للشيطان أن يؤدي دوره حتى يمحص العباد، ويربيهم، بعد أن وهبهم كل
ما يريدونه من الحرية والاختيار.. ولا يمكن لمن يطلب الحرية أن يجد طريقا واحدا..
وإلا كان مضطرا إليه.
لذلك كان
الشيطان، قائد طريق الضلالة، وداعيها.. وهو لا يلزم أحدا بسلوكها، وإنما الإنسان
هو الذي يختار ذلك.. وبملء إرادته ورغبته.. بعد أن يرى
اسم الکتاب : هكذا تكلم لقمان المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 63