اسم الکتاب : أوكار الاستكبار المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 39
حتّى اختلف عنقا فرسيهما ، ثمّ قال حبيب: لكأنّي بشيخ
أصلع ضخم البطن يبيع البطيخ عند دار الرزق ، قد صلب في حب أهل بيت نبيّه a، فتبقر بطنه على الخشبة. فقال ميثم : وإنّي لأعرف
رجلا أحمر له ضفيرتان ، يخرج لنصرة ابن بنت نبيّه فيقتل ويجال برأسه في الكوفة.
ثمّ افترقا ، فقال أهل المجلس : ما رأينا أكذب من هذين. قال : فلم يفترق المجلس
حتّى أقبل رشيد الهجريّ فطلبهما ، فقالوا : افترقا وسمعناهما يقولان كذا وكذا.
فقال رشيد: (رحم الله ميثما نسي ويزاد في عطاء الذي يجيء بالرأس مائة درهم). ثمّ
أدبر ، فقال القوم : هذا والله أكذبهم. قال : فما ذهبت الأيّام والليالي حتّى
رأينا ميثما مصلوبا على باب عمرو بن حريث. وجيء برأس حبيب قد قتل مع الحسين،
ورأينا كلّما قالوا[1].
قلت: أجل ..
لقد قرأت عن شهامته ونبله الكثير.. ومن ذلك أن ما رواه الثقاة من المؤرخين أن أنّ
حبيبا لمّا وصل إلى الحسين، ورأى قلّة أنصاره وكثرة محاربيه ، قال للحسين : إنّ
هاهنا حيّا من بني أسد فلو أذنت لي لسرت إليهم ودعوتهم إلى نصرتك ، لعلّ الله أن
يهديهم ويدفع بهم عنك. فأذن له الحسين فسار إليهم حتّى وافاهم فجلس في ناديهم
ووعظهم ، وقال في كلامه : يا بني أسد ، قد جئتكم بخير ما أتى به رائد قومه ، هذا
الحسين بن علي أمير المؤمنين وابن فاطمة بنت رسول الله قد نزل بين ظهرانيكم في
عصابة من المؤمنين ، وقد أطافت به أعداؤه ليقتلوه ، فأتيتكم لتمنعوه وتحفظوا حرمة
رسول الله a فيه ، فو الله لئن نصرتموه ليعطينّكم الله شرف الدنيا
والآخرة ، وقد خصصتكم بهذه المكرمة ، لأنّكم قومي وبنو أبي وأقرب الناس منّي رحما.
فقام عبد الله بن بشير الأسدي وقال : شكر الله سعيك يا أبا القاسم ، فو الله
لجئتنا بمكرمة يستأثر بها المرء الأحب فالأحب ، أمّا أنا فأوّل من أجاب ، وأجاب
جماعة بنحو جوابه فنهدوا مع حبيب ، وانسلّ منهم رجل فأخبر