اسم الکتاب : أسرار الأقدار المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 526
فأنظر إليك، وإذا
ذكرت موتي وموتك عرفت أنك إذا دخلتّ الجنة رفعتَ مع النبييّن، وإن دخلتُ الجنة
خشيت أن لا أراك)، فلم يرد عليه النبي a حتى نزلت عليه
الآية السابقة [1].
وجاء ثوبان مولى
رسول الله a، وكان شديد الحب له قليل الصبر عنه، فأتاه ذات يوم
وقد تغير لونه ونحل جسمه، يعرف في وجهه الحزن؛ فقال له:( يا ثوبان ما غير لونك؟)
فقال:( يا رسول الله ما بي ضر ولا وجع، غير أني إذا لم أرك اشتقت إليك واستوحشت
وحشة شديدة حتى ألقاك، ثم ذكرت الآخرة وأخاف ألا أراك هناك؛ لأني عرفت أنك ترفع مع
النبيين وأني إن دخلت الجنة كنت في منزلة هي أدنى من منزلتك، وإن لم أدخل فذلك حين
لا أراك أبدا) فأنزل الله تعالى هذه الآية [2].
* * *
بعد هذا..
هل نطمع ـ ونحن في
هذه الدار ـ أن ندخل إلى الجنة لنتلمس بعض رحمات الله لهؤلاء الذين فنت أرواحهم في
معرفة الله ومحبته؟
هل نطمع أن نتلمس
بعض ذلك الذي يجل عن أي اسم أو وصف أو تعبير؟
إن النصوص المقدسة
ـ برحمة الله ـ لم تترك من الحقائق شيئا إلا وبينته أو رمزت له ليكون الخلق على
بينة، فيختاروا من السبل ما يتناسب معهم لإقامة الحجة عليهم.
وقد أخبر a أن الجنة دار الرغبات والأشواق، فكل رغبة في النفس يجعلها
الله تعالى بين يدي الراغب فيها.
وانطلاقا من هذا
نستطيع أن نتلمس ذلك النعيم الخفي من هذه الرغبات الظاهرة،
[1] رواه الطبراني وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية
والضياء المقدسي في صفة الجنة وحسنه.