responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أسرار الأقدار المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 45

والغنى المطلق يعني تنزه الغني عن أي علاقة له بغيره سواء في ذاته أو في صفاته[1].

وكما أن الله غني بذاته غنى مطلقا، فهو كذلك غني بصفاته عنهم، فلذلك لا يكون علم الله تعالى مستفادا من المعلومات، بل تكون المعلومات مستفادة منه.

وهذا بخلاف علم العبد الذي يتبع الأشياء ويحصل بها، فلا يعلم الشيء إلا بعد وجوده.

ولا يستغرب هذا الوصف لله، فالله هو مبدع الخلق من العدم، ولا يستحيل على المبدع أن يدرك من أسرار اختراعه ما لا يدركه غيره، ولهذا يختلف علم متعلم الشطرنج عن علم واضعه، ( فإن علم الواضع هو سبب وجود الشطرنج، ووجود الشطرنج هو سبب علم المتعلم، وعلم الواضع سابق على الشطرنج، وعلم المتعلم مسبوق ومتأخر، فكذلك علم الله عز وجل بالأشياء سابق عليها، وسبب لها وعلمنا بخلاف ذلك)[2]

ويضرب النورسي على استقلالية علم الله، واستناد الأشياء جميعا إلى علمه مثلا بما لو أمررنا مادة كيمياوية معينة على كتاب كـُتب بـحبر كيمياوي لا يُرى، فإن ذلك الكتاب الضخم يظهر عياناً حتى يستقرىء كل ناظر اليه.

ومثل هذا يتعين مقدار كل شيء وصورته الـخاصة به في العلم الـمحيط للقدير الازلي، فيمرر القدير الـمطلق قوته - التي هي تـجلٍ من قدرته - بكل سهولة ويسر، كإمرار تلك الـمادة في الـمثال، على تلك الـماهية العلمية، يـمرره بأمر (كن فيكون)، وبقدرته الـمطلقة تلك، وبارادته النافذة.. فيعطي سبحانه ذلك الشيء وجوداً خارجياً، مـُظهراً إياه أمام الأشهاد، مـما يـجعلهم يقرأون ما فيه من نقوش حكمته.

وهكذا يكون علم الله أساسا لمشيئته وتقديره ـ كما سنرى ـ


[1] نحب أن ننبه هنا إلى أن إطلاقنا لفظ الصفات هنا جاء من باب الغالب.. لا من الباب الذي حصل فيه الخلاف بين المسلمين، والذي لا نرى له مسوغا.

[2] المقصد الأسنى، ص87.

اسم الکتاب : أسرار الأقدار المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 45
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست