responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أسرار الأقدار المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 46

ويضرب مثلا آخر على ذلك بما لو أن شخصا مـحـبوسا في غرفة صغيرة لايوجد فيها سوى ثقب صغير يطل على الخارج، فعندما تمر قافلة من الإبـل مـن أمـام هذا الثقب، فان هذا السجين سوف يشاهد رأس بعير أولا، ثم رقبته، ثم سنامه، ثم أرجـلـه، ثـم ذنـبه، وهكذا الحال بالنسبة لسائر الإبل الأخرى.

وبذلك يصير ذلك الثقب هو السبب في إيجاد حالات من الماضي والحاضر والمستقبل لدى الناظر السجين، لكن المسألة تختلف تماما بالنسبة لـلواقف على سطح الغرفة، وينظر الى الصحرا نظرة شاملة، فهو يشاهد جميع إبل القافلة في وقت واحد.

ومـن هنا يتضح ان ايجاد مفاهيم الماضي والحال والمستقبل ناجمة عن محدودية نظرة الإنسان، فما هـو مـاض بـالنسبة لنا كان مستقبلا لأقوام قد سبقونا، وماهو مستقبل بالنسبة لنا هو الآن ماض بالنسبة لأقوام سيأتون.

ويضرب مثلا آخر على ذلك، فيقول:( إذا وجدت في يدك مرآة، وفرضتَ المسافة التي في يمينها الماضي، والمسافة التي في يسارها المستقبل، فتلك المرآة لا تعكس الاّ ما يقابلها، وتضم الطرفين بترتيب معين، حيث لا تستوعب أغلبهما، لأن المرآة كلما كانت واطئة عكست القليل، بينما اذا رفعت إلى الأعلى فإن الدائرة التي تقابلها تتوسع، وهكذا بالصعود تدريجياً تستوعب المرآة المسافة في الطرفين معاً في نفسها في آن واحد.

وهكذا يرتسم في المرآة في وضعها هذا كل ما يجري من حالات في كلتا المسافتين. فلا يقال إن الحالات الجارية في إحداها مقدمة على الأخرى، أو مؤخرة عنها، أو توافقها، أو تخالفها) [1]

وانظلاقا من هذا الأمثلة، فإن الذات التي لا يحصرها مكان، بل لا علاقة لها بالمكان..


[1] انظر: الكلمات، الكلمة السادسة والعشرون، رسالة القدر، لبديع الزمان النورسي.

اسم الکتاب : أسرار الأقدار المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 46
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست