بل أخبر الله تعالى عن المستحيلات التي لم تقع ولن تقع، بل
يمنع العقل وقوعها لو وقعت كيف يكون تأثير وقوعها:
فقال تعالى فيما لو كان الكون تحت سيطرة مجموعة
آلهة كما يعتقد الوثنيون:﴿ لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا
فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾ (الانبياء:22)
وقال فيما لو كانت
الألوهية شركة بين الله وغيره:﴿ مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ
إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ
سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾ (المؤمنون:91)
وقال تعالى رادا على المشركين في دعواهم التزلف إلى
الله بآلهتهم:﴿ قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا
يَقُولُونَ إِذاً لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً﴾ (الاسراء:42)، أي لو كان الأمر كما تقولون وأن معه آلهة تعبد لتقرب إليه وتشفع
لديه، لكان أولئك المعبودون يعبدونه ويتقربون إليه ويبتغون إليه الوسيلة والقربة،
فاعبدوه أنتم وحده كما يعبده من تدعونه من دونه، ولا حاجة لكم إلى معبود يكون
واسطة بينكم وبينه، فإنه لا يحب ذلك ولا يرضاه بل.
وهكذا يمتد علم الله
وخبرته إلى كل الأمور ما كان منها في حيز الوجود، أو ما كان مخبأ في سراديب العدم،
أوما لن يكون أبدا.
* * *
وانطلاقا
من هذا نحب أن نستشرف بعقولنا الضعيفة السر في علم الله بأفعال الإنسان وأجزيته
قبل صدور ذلك منه، وهو ما لم تتقبله بعض العقول الضعيفة فراحت تلحد في آيات الله.
فالله تعالى يرجع ذلك العلم إلى كونه الخالق الذي
يعلم حال المخلوق، ولهذا يرد في القرآن الكريم الربط والاقتران بين العلم والخلق،
كما قال تعالى:﴿ أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ