اسم الکتاب : أسرار الأقدار المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 137
ونرى أن كتاب
السعادة المراد هنا ليس كون الشخص سعيدا لأن ذلك خاضع لكسبه، وإنما المراد منه نوع
الأسئلة التي قد تطرح عليه، فتحدد سعادته وشقاوته، كما ذكرنا ذلك سابقا.
التقدير اليومي:
ومن التقديرات التي نصت
عليها النصوص، التقدير اليومي، وهو ما نص عليه قوله تعالى:﴿ يَسْأَلُهُ مَنْ فِي
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾
(الرحمن:29)
وهو يدل على حضور الله
الدائم مع العبد أثناء كل تصرف يقوم به، وقد ورد في الحديث عن منيب الأزدي قال:
تلا رسول اللّه aهذه الآية: ﴿ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾ (الرحمن: 29)،
فقلنا: يا رسول اللّه وما ذاك الشأن؟ قال: (أن يغفر ذنباً، ويفرج كرباً، ويرفع
قوماً ويضع آخرين)
وفي هذا ما ينفي
الوهم الذي قد يعرض للبعض من أن الله اكتفى بتقديراته الأزلية، ثم ترك الخلق
لينشغل بكماله كما نص على ذلك الكثير من الفلاسفة.
بل الله ـ حسبما
تدل عليه النصوص الكثيرة ـ حاضر حضورا مطلقا في كل حركة وسكنة، فلا يحرك شيء ولا
يسكن إلا بإذنه، بل بتحريكه، قال تعالى:﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ
سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ
وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ
اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَحِيمٌ﴾ (الحج:65)
وهو معنى اسم الله
تعالى (القيوم) فالقيوم هو القائم بنفسه المقيم لغيره، بل لا يمكن لشيء أن يقوم
إلا به.
وإليه الإشارة كذلك
بقوله تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ
وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ﴾ (فاطر:15)
اسم الکتاب : أسرار الأقدار المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 137