اسم الکتاب : أسرار الأقدار المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 138
فكل شيء.. في كل لحظة
من اللحظات.. مفتقر في وجوده واستمرار وجوده لله تعالى افتقارا لا يغنيه منه إلا
الله.
3 ـ سنن المقادير:
وهي الكتب التي كتب
فيها القوانين والسنن التي تنظم الكون وعلاقاته، ويشير إلى هذا النوع من الكتب
قوله a:( إن اللّه كتب كتاباً فهو عنده فوق العرش، إن رحمتي سبقت غضبي)[1]، وهذا يدل على أن بناء الكون قائم على الرحمة الإلهية، وأنها
المقدمة على الغضب.
وقد ورد ما يدل على أن
هذه السنن مكتوبة في أم الكتاب، وربما يستدل على ذلك بما ورد من كون القرآن الكريم
ـ وهو الحاوي لكثير من سنن الله ـ في أم الكتاب، كما قال تعالى:﴿ وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ
لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ﴾ (الزخرف:4)، ومثله ما ورد من كونه في اللوح
المحفوظ، قال تعالى:﴿ بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ﴾ (البروج:21
ـ 22)، أي هو في الملأ الأعلى، محفوظ من الزيادة والنقص، والتحريف والتبديل،
وقد أخبر تعالى أن
القرآن الكريم الذي بين أيدينا موجود في هذا الكتاب، وقال
تعالى عن كونه موجود في تلك الصحف المكرمة:﴿ كَلَّا إِنَّهَا
تَذْكِرَةٌ فَمَن شَاء ذَكَرَهُ فِي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ مَّرْفُوعَةٍ
مُّطَهَّرَةٍ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرَامٍ بَرَرَةٍ ﴾
ولذلك كان نزول القرآن
الكريم الأول هو نزوله من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا، قال ابن عباس :( أنزل
اللّه القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة من السماء الدنيا، ثم نزل
مفصلاً بحسب الوقائع في ثلاث وعشرين سنة على رسول اللّه a)[2]
[1] روي هذا الحديث بألفاظ كثيرة، رواه الترمذي
وغيره.