وهكذا
تقترن في القرآن الكريم مظاهر الجمال في المكونات بالضرورة والحاجة، لنتملى هذا
الجمال ونستمتع به، ولا نحبس أنفسنا داخل حدود الضرورات والحاجات.
ومثل
ذلك ما ورد عند التعبير عن منافع الأنعام، فمن منافعها، كما قال تعالى:﴿
وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ
وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ﴾ (النحل:5 ـ
6)
ففي
هذه الآيات إحصاء دقيق لمنافع الحيوانات لتشمل المطعم والملبس والمسكن،وتضيف إليها
الناحية الجمالية ( ففي الأنعام دفء من الجلود والأصواف والأوبار والأشعار، ومنافع
في هذه وفي اللبن واللحم وما إليها. ومنها تأكلون لحما ولبنا وسمنا، وفي حمل
الأثقال إلى البلد البعيد لا يبلغونه إلا بشق الأنفس. وفيها كذلك جمال عند الإراحة
في المساء وعند السرح في الصباح. جمال الاستمتاع بمنظرها فارهة رائعة صحيحة سمينة)
ولهذه
اللفتة قيمتها في بيان نظرة القرآن ونظرة الإسلام للحياة، فالجمال عنصر أصيل في
هذه النظرة، وليست النعمة هي مجرد تلبية الضرورات من طعام وشراب وركوب ؛ بل تلبية
الأشواق الزائدة على الضرورات.
ولهذا
ينبهنا الله تعالى إلى النظر إلى مخلوقاته، وإلى ما أودع فيها من الحكمة والجمال،
فيدعو إلى النظر إلى ما أودع في جسم الإبل من مظاهر الجمال والحكمة، قال تعالى:﴿ أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْأِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ﴾ (الغاشية:17)