فالبحر
في التصوير القرآني ليس ذلك الطوفان الهائج الذي ينقض على السفن فيغرقها، وإنما هو
نعمة من نعم الله التي جمعت بين الفضل والمنفعة والجمال.
والقرآن
الكريم يلفتنا إلى هذه المعاني جميعا، فـ ( نعمة البحر وأحيائه تلبي كذلك ضرورات
الإنسان وأشواقه. فمنه اللحم الطري من السمك وغيره للطعام. وإلى جواره الحلية من
اللؤلؤ ومن المرجان، وغيرهما من الأصداف والقواقع التي يتحلى بها أقوام ما يزالون
حتى الآن. والتعبير عن الفلك يشي بتلبية حاسة الجمال لا بمجرد الركوب والانتقال: وترى
الفلك مواخر فيه، فهي لفتة إلى متاع الرؤية وروعتها:رؤية الفلك مواخر تشق الماء
وتفرق العباب)[1]
وهذه
الآية وغيرها تنطوي على حكم تشريعي خفي، وهو وجوب المحافظة على هذه النعم الموجودة
في البحر، وهو ما لم تأخذه المدنية الحديثة في الحسبان، فلوثت البحر، كما لوثت
الجو، وأغرقت الأرض في طوفان من التلوث.
وقد
أشار القرآن الكريم إلى تأثير الانحراف في فساد الأرض والبحر بقوله تعالى:﴿
ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ
لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ (الروم:41)