تعذيبها،
لا كونها كافرة، وهذا ما حمل النووي على قوله في شرح هذا الحديث:( إن المرأة كانت
مسلمة وإنها دخلت النار بسببها، وهذه المعصية ليست صغيرة بل صارت بإصرارها كبيرة)[1]
ونحن
لا نرى في الحديث ما يدل على كونها مسلمة أو غير مسلمة، ولكن الحديث يشير إلى ما
هو أعمق من ذلك.. وهو أن هذا السلوك يستوجب العقوبة بغض النظر عن كون من سلك هذا
السلوك مسلما أو غير مسلم[2]، بلغته الرسالة أو لم تبلغه، لأن الرحمة المرتبطة بهذا مندرجة في
البرمجة الإلهية للفطرة الإنسانية، ولذلك يؤاخذ مخالفها سواء بلغته الرسالة أو لم
تبلغه[3].
بالإضافة
إلى ما أخبر به a من اقتصاص الحيوانات من بعضها بعضا يوم القيامة.. فإن كان ذلك كذلك،
فالبشر ـ بما أعطوا من طاقات ـ أولى بأن يحاسبوا.
***
والنصوص المقدسة لم تكتف بهذه التوجيهات التي قد لا تجد من غلاظ
القلوب من لا يهتم لها، ولذلك شرعت التشريعات المختلفة التي تحفظ حرمة
[2] مع صراحة
الحديث في كون العذاب بسبب الهرة، إلا أن البعض حاول تأويله، قال القاضي:( في هذا
الحديث المؤاخذة بالصغائر، قال: وليس فيه أنها عذبت عليها بالنار)، ثم برر ما صرح
به الحديث من كونها في النار بقوله:( ويحتمل أنها كانت كافرة فزيد في عذابها
بذلك)( النووي على مسلم: 6/207.)
وهذا مخالف لما ورد في الحديث، قال النووي بعد حكاية كلامه:(
هذا كلامه وليس بصواب، بل الصواب المصرح به في الحديث أنها عذبت بسبب الهرة، وهو
كبيرة لأنها ربطتها وأصرت على ذلك حتى ماتت، والإصرار على الصغيرة يجعلها كبيرة
كما هو مقرر في كتب الفقه وغيرها، وليس في الحديث ما يقتضي كفر هذه المرأة (النووي
على مسلم: 6/207)
[3] انظر في
تفاصيل أدلة هذا في رسالة (أسرار الأقدار)