نُربّى بالشفقة والرأفة.. نحن راضون عما نحن عليه من احوال.. وهكذا تبث اناشيدها بمناقيرها الدقيقة، حتى تحول الكائنات كلها الى موسيقى رفيعة)
قد يقال ـ بعد هذا ـ فالتسبيح إذن ليس تسبيح مقال، وهو على ماذكر من تسبيح الدلالة.
وقائل هذا لا يعرف الفرق بين المقال والدلالة، فالدلالة لا تحتاج إلى الوعي، بينما المقال يحتاجه، بل هو ركنه الأساسي.
والمقال لا يستدعي نطقا بحروف وأصوات معينة، وقد أخبر تعالى عن علمه بما تقوله الأفواه، وما تقوله الألسن، قال تعالى:﴿ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ (البقرة:284)
بل عبر عن ما يجول في الخواطر بأنه قول يمكن أن يؤاخذ عليه، قال تعالى:﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ (المجادلة:8)
وقد يقال هنا، فكيف نسمع الصامت، وهل يمكن أن نستدل على معاني الخواطر من غير تعبيرات الألسن؟
والجواب ما ذكرناه من قدرة آذان الروح على استشفاف معاني الصمت